تعب ولا كلفة فذهبت إليه ثم عادت إلينا فزعمت أنه كتب اسمها واسم أبيها عنده فلما كان من الغد بكرت إلى العمل وجاءت المرأة من عند الرجل فقالت: إن الرجل قال لي رأيت أباك وهو يقول المال في الحنية، قال: فجعلنا نحفر تحت الحنية وفي جوانبها حتى لاح لي شق وإذا المال فيه، قال: فأخذنا في التعجب والمرأة تستخف بما وجدت وتقول: مال أبي كان أكثر من هذا ولكني أعود أليه، فمضت فأعلمته ثم سألته المعاودة فلما كان من الغد أتت وقالت: إنه قال لها إن أباك يقول لك احفري تحت الجابية المربعة التي في مخزن الزيت، قال: ففتحت المخزن فإذا بجابية مربعة في الركن فأزلناها وحفرنا تحتها فوجدنا كوزًا كبيرًا فأخذته ثم دام بها الطمع في المعاودة ففعلت فرجعت من عنده وعليها الكآبة فقالت: زعم أنه رآه وهو يقول له قد أخذت ما قُدّر لها وأما ما بقي فقد جلس عليه عفريت من الجن يحرسه إلى من قدّر له.
وذكر ابن القيم أيضًا عن القيرواني أنه ذكر في "كتاب البستان" عن بعض السلف قال: كان لي جار يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان ذات يوم أكثر من شتمهما فتناولته وتناولني فانصرفت إلى منزلي وأنا مغموم حزين فنمت وتركت العشاء فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقلت: يا رسول الله فلان يسب أصحابك قال: «من أصحابي؟» قلت: أبو بكر وعمر فقال: «خذه هذه المدية فاذبحه بها»، فأخذتها فأضجعته وذبحته ورأيت كأن يدي أصابها من دمه فألقيت المدية وأهويت بيدي إلى الأرض لأمسحها فانتبهت وأنا أسمع الصراخ من نحو داره فقلت: ما هذا الصراخ؟ قالوا: فلان مات فجأة فلما أصبحنا جئت فنظرت إليه فإذا خط موضع الذبح.
قال: وقال محمد بن عبد الله المهلبي: رأيت في المنام كأني في رحبة بني فلان وإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس على أكمة ومعه أبو بكر وعمر واقف قدامه فقال له عمر: يا رسول الله إن هذا يشتمني ويشتم أبا بكر، فقال:«جيء به يا أبا حفص»، فأتى برجل فإذا هو العماني وكان مشهورًا بسبهما فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أضجعه»، فأضجعه ثم قال:«اذبحه» فذبحه، قال: فما نبهني إلا صياحه فقلت: ما لي لا أخبره عسى أن يتوب فلما تقربت من منزله