النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب» وهو حديث صحيح وقد تقدم ذكره في الحديث الثالث عشر. وأما القول الثاني فباطل مردود لأنه لا قول لأحد مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال ابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي" قوله: "اقترب الزمان" هو افتعل من القرب، واختلف في معناه فقيل: أراد به اقترب من الاعتدال، والثاني إذا اقترب من الانتهاء بإقبال الساعة. فأما الأول فلا يصح من وجهين. أحدهما: أن اعتدال الليل والنهار ليس له في ذلك أثر ولا يتعلق به معنى إلا ما قالته الفلاسفة من أن اعتدال الزمان تعتدل به الأخلاط. وهذا مبني على تعليقها بالطبائع وهو باطل. الثاني: أنه يعارضه أن الزمان يعتدل إذا شارفت الشمس الميزان وهو معارض لصناعتهم لأن في ذلك الزمان وإن كان في مقابلة مشارفة الحمل تسقط الأوراق ويسقط الماء عن الثمار عكس المقارن الأول. والرؤيا عندهم فيه قاصرة وقد اغتّر بعض الناس بهذا التأويل فقال به، والأصح أنه اقتراب يوم القيامة فإنها الحاقة التي تحق فيها الحقائق فكلما قرب منها فهو أخص بها. انتهى.
ونقل ابن حجر في "فتح الباري" عن ابن أبي جمرة أنه قال: معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب أنها تقع غالبًا على الوجه الذي لا يحتاج إلى تعبير فلا يدخلها الكذب. قال: والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبًا فيقل أنيس المؤمن ومُعينه في ذلك الوقت فيكرم بالرؤيا الصادقة. انتهى.
الخامسة: أن أصدق المؤمنين حديثًا أصدقهم رؤيا. قال النووي: ظاهره أنه على إطلاقه لأن غير الصادق في حديثه يتطرق الخلل إلى رؤياه وحكايته إياها. وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي قوله:«أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا» وذلك لأن الأمثال إنما تضرب له على مقتضى أحواله من تخليط وتحقيق وكذب وصدق وهزل وجدّ ومعصية وطاعة. قال ابن سيرين: ما احتلمت في حرام قط، فقال بعضهم: ليت عقل ابن سيرين في المنام يكون لي في اليقظة. انتهى. ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" عن المهلب أنه قال: الناس على ثلاث درجات، الأنبياء ورؤياهم كلها صدق وقد