للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه، ورأيت رجلاً من أمتي ورأيت النبيين جلوسًا حلقًا حلقًا كلما دنا إلى حلقة طُرد فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي، ورأيت رجلاً من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجّه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور، ورأيت رجلاً من أمتي يتقي بيده وهج النار وشررها فجاءته صدقته فصارت سترة بينه وبين النار وظللت على رأسه، ورأيت رجلاً من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت: يا معشر المسلمين إنه كان وصولاً لرحمه فكلموه فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم، ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة، ورأيت رجلاً من أمتي جاثيًا على ركبتيه وبينه وبين الله عز وجل حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل، ورأيت رجلاً من أمتي قد ذهبت صحيفته من قِبَل شماله فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه، ورأيت رجلاً من أمتي خَفَّ ميزانه فجاءه أَفْراطه فثقلوا ميزانه، ورأيت رجلاً من أمتي قائمًا على شفير جهنم فجاءه رجاؤه من الله عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي قد هوى في النار فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي قائمًا على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكَّن رعدته ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أيحانًا ويتعلق أحيانًا فجاءته صلاته عليّ فأقامته على قدميه وأنقذته، ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة» رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب «الترغيب في الخصال المنجية، والترهيب من الخلال المردية» وقال: هذا حديث حسن جدًا. ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه «الوابل الصيب في الكلم الطيب» ووصف هذا الحدث قبل سياقه له بأنه حديث عظيم شريف القدر ينبغي لكل مسلم أن يحفظه. ثم قال فنذكره بطوله لعموم فائدته وحاجة الخلق إليه، وبعد

<<  <   >  >>