للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرسل إليّ عبيد الله بن قُثّم وهو أمير مكة نصف النهار وكان نازلاً ببئر ميمون في دار لُبَابة بنت علي – أي ابن عبد الله بن عباس – زوجته وهي معه فأتيته وهو مذعور فقال: يا أبا إسماعيل إني رأيت والله عجبًا في قائلتي، خرج إلي وجه إنسان من هذا الجدار فقال:

بينما الحي وافرون بخير ... حَمَلُوا خيرهم على الأعواد

أنا والله ميت، قال: قلت: كلا، هذا والله من الشيطان، قال: لا والله، قال: قلت: فينعي غيرك، قال: مَنْ؟ قلت: لَعلَّ غيرك، قال: كأنك تعرّض بلبابة بنت علي، هي والله خير مني، قال: فوالله ما مكثنا إلا شهرًا أو نحوه حتى ماتت لُبَابة. فقال لي: يا أبا إسماعيل، هو ما قُلْتَ، قال: ثم أقمنا فأرسل إليّ في مثل ذلك الوقت فأتيته فقال: قد والله خرج إلي ذلك الوجه بعينه فقال:

بينما الحي وافرون بخير ... حَمَلُوا خيرهم على الأعواد

أنا والله ميت. قال: قلت: كلا إن شاء الله، قال: ليس ههنا لُبَابة أخرى تعللني بها. قال: فمكثنا شهرًا أو نحوه ثم مات.

وروى الفاكهي أيضًا أن عبيد الله بن قُثَم – وهو يومئذ والي مكة – قال: رأيت في منامي أن رجلاً وقف بين يدي فقال:

بينما الحي وافرون بخير ... حَمَلُوا خيرهم على الأعواد

قال: فظننت أنه يعنيني بذلك، وقلت: نُعيت إلي نفسي ثم ذكر أن لبابة بنت علي بن عباس زوجته فقلت: إنها خير مني وأنها التي تموت. وأقمت شهرين أو ثلاثة بذلك ثم ماتت، فأقمت بعدها شهرًا أو نحوها فإذا بذاك قد مَثَل بين يدي فقال:

فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تأهب لأخرى بعدها فكأن قدي

قال: فبعث حين رأى ذلك إلى إبراهيم بن سعيد بن صيفي وإلى زكريا بن الحارث بن أبي مسرة فذكر ذلك لهما فتوجعا له وقالا له: يقيك الله أيها الأمير، قال: فلم يلبث إلا يسيرًا حتى مات.

<<  <   >  >>