للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تؤثر على الأحوال الجوية والمناخية في الحيز الصغير من الغلاف الغازي الذي نحن بصدده.

ومن أهم مظاهر تأثير التضاريس على المناخ التفصيلي ظاهرة انحدار الهواء البارد إلى الأجزاء المنخفضة من سطح الأرض أثناء الليل، ويحدث هذا حتى بالنسبة للحفر الصغيرة. وقد قام الأستاذان مدلتون وميلار١ بقياس درجات الحرارة في أحد الشوارع الرئيسية في مدينة تورنتو Toronto في كندا وهو شارع يونج Yonge الذي يشق المدينة من بحيرة أنتاريو Ontario حتى الطرف الشمالي للمدينة وذلك في يوم ٢٢ فبراير سنة ١٩٣٦، وقد أجريت التجربة بواسطة ترمومتر ثُبِّت في سيارة على ارتفاع ٢٧ بوصة من سطح الأرض. وقد بدئ في قياس درجات الحرارة على طول الطريق بعد منتصف الليل بست دقائق واستغرق القياس أربعين دقيقة في الاتجاهين من وإلى البحيرة، وكان الطرق مموجًا أي به ارتفاعات وانخفاضات. وقد تميز ذلك المساء الذي أجريت فيه التجربة بخلو السماء من السحب. وقد اتضح من القياس "شكل ٥١" أن درجات الحرارة تنخفض انخفاضًا واضحًا في الأجزاء المنخفضة من الطريق وبدرجة أقل من الأجزاء المنخفضة القريبة من البحيرة بسبب تأثير نسيم البحيرة على رفع درجات الحرارة بعض الشيء. وأهم ما يلاحظ هو الانخفاض الكبير لدرجات الحرارة عند الميل السابع من الطريق. وهذا التباين الواضح في درجات الحرارة بين قيعان الأودية والأجزاء المرتفعة يحدث بوجه خاص في الليالي الصحوة الهادئة الهواء, ففي مثل تلك الليالي يبرد سطح الأرض بسرعة بفعل الإشعاع وتنخفض درجة حرارة الهواء القريب من سطح الأرض فيبدأ هذا الهواء البارد الثقيل في الانزلاق إلى بطون الأودية والأجزاء المنخفضة من سطح الأرض حيث يتجمع فيها. ويشبه انحدار الهواء إلى أسفل انحدار الماء من أعلى الجبل إلى أسفل الوادي ولكن مع الفارق. وقد يقال إن انحدار الهواء من أعلى إلى أسفل يؤدي إلى تدفئته عن طريق الضغط بالهبوط adiabetic heating فإن هذا وإن صح في حالة المناخ الإقليمي على المقياس الكبير إلا أنه غير صحيح في حالة المناخ التفصيلي؛ ذلك لأن الارتفاعات صغيرة والمسافة التي ينحدرها الهواء لا تسمح


١ Haurwitz Bernhard and James M. Austin, "Climatology", N. Y. ١٩٤٤, p.١٦٤

<<  <   >  >>