من الأمور التي تشغل بال السكان دائمًا هي كيف يمكنهم أن يعيشوا دون التعرض لتطرفات المناخ وتقلباته، وقد يكون الاهتمام بالمناخ هو السبب في أن أول موضوع للمناقشة في الصباح عندما يلتقي شخص بآخر يتناول الكلام عن حالة الطقس، وتبدو هذه الظاهرة واضحة على وجه الخصوص في البلدان التي يتميز طقسها بالتقلب من يوم ليوم ومثال ذلك الجزر البريطانية. وحتى في الجهات التي يستقر فيها الطقس وتقل تقلباته أو بمعنى آخر تسير الأحوال الجوية على وتيرة واحدة في فصول السنة المختلفة ومثال ذلك المناطق الاستوائية، فإن السكان كثيرًا ما يشيرون إلى الجو بل ويستخدمون بعض مظاهره كمواعيد ونضرب لذلك مثلًا بوقت سقوط المطر فيما بعد الظهر، فقد يتفق شخصان على التلاقي ويحددان ميعادًا لمقابلتهما قبل المطر أو بعده.
وقد تعرف الإنسان على أهمية المناخ وتأثر به بصور مختلفة على مر العصور، فنجده قد صنع الشراع واستخدم الرياح في دفعه، وأقام الزراعة معتمدة على المطر قبل أن يعرف وسائل الري. كذلك لجأ إلى رد غائلة قسوة المناخ باستخدام النار والملابس للتدفئة في الجهات الباردة وغير ذلك من نواحٍ يضيق المجال عن حصرها.
ونحن إذ نذكر هذا نود أن نؤكد أننا لا نقصد العودة بالتفكير الجغرافي إلى نظرية الخدم Environmenlalism، إذ إن أفكار وآراء الآنسة سمبل Miss Semple وكذلك الأستاذ هنتنجتون Ellsworth Huntington في كتاباتهما المتعددة قد أصبحت في ذمة التاريخ ولم يعد يؤمن بها سوى قلة نادرة