{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} إِلَى قَوْله: {وَالله عليم حَكِيم} تَفْسِيرُ الْحَسَنِ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حِينَ غَزْوَةِ تَبُوكَ نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ الأَنْصَارِ وَبَنَى مَسْجِدَ قِبَاءَ ٠ وَهُوَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى - وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ مِنَ الأَنْصَارِ بَنَوْا مَسْجِدًا؛ فَقَالُوا: نَمِيلُ بِهِ فَإِنْ أَتَانَا محمدٌ فِيهِ وَإِلا لمْ [ ... ] وَنَخْلُوا فِيهِ لِحَوَائِجِنَا وَنَبْعُثُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ - لِمُحَارِبٍ مِنْ مُحَارِبِيِّ الأَنْصَارِ كَانَ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَهُ - فَيَأْتِينَا؛ فَنَسْتَشِيرُهُ فِي أُمُورِنَا، فَلَمَّا بَنَوُا الْمَسْجِدَ؛ وَهُوَ الَّذِي قَالَ الله - عز وَجل -: {الَّذين اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَين الْمُؤمنِينَ} أَيْ: بَيْنَ جَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قبل} يَعْنِي: أَبَا عَامِرٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ لَا يَأْتِيهِمْ وَلا يَأْتُونَهُ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ دَعَا بِقَمِيصِهِ لِيَأْتِيَهُمْ (فَإِنَّهُ لِيَزُرَّهُ عَلَيْهِ إِذْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: {لَا تقم فِيهِ أبدا} يَعْنِي: ذَلِكَ الْمَسْجِدَ. {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} يَعْنِي: مَسْجِدَ قِبَاءَ {أَحَقُّ أَنْ تقوم فِيهِ}.
قَالَ محمدٌ: قَوْلُهُ {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارب الله وَرَسُوله} أَيِ: انْتِظَارًا؛ يُقَالُ: أَرْصَدْتُ لَهُ بِالشَّرِّ، وَرَصَدْتُهُ بِالْمُعَافَاةِ. وَقَدْ قِيلَ: أَرْصَدْتُ لَهُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute