{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوديَة بِقَدرِهَا} الْكَبِيرُ بِقَدَرِهِ، وَالصَّغِيرُ بِقَدَرِهِ {فَاحْتَمَلَ السَّيْل زبداً رابياً} يَعْنِي: عَالِيا فَوْقَ الْمَاءِ، إِلَى قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ يضْرب الله الْأَمْثَال} هَذِهِ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِر، فَأَما قَوْله: {وَمِمَّا توقدون عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حليةٍ} فَإِنَّهُ يَعْنِي: الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ؛ إِذَا أُذِيبَا فَعَلا خَبَثُهُمَا؛ وَهُوَ الزَّبَدُ، وَخَلُصَ خَالِصُهُمَا تَحْتَ ذَلِكَ الزَّبَدِ {أَو مَتَاع} أَي: وابتغاء مَتَاع مَا يسْتَمْتع بِهِ {زبدٌ مثله} أَيْ: مِثْلَ زَبَدِ الْمَاءِ، وَالَّذِي يُوقَدُ عَلَيْهِ ابْتِغَاءَ مِتَاعٍ هُوَ الْحَدِيدُ وَالنُّحَاسُ وَالرُّصَاصُ إِذَا صُفِّيَ ذَلِكَ أَيْضًا؛ فَخَلُصَ خَالِصُهُ، وَعَلا خَبَثُهُ؛ وَهُوَ زَبَدُهُ {فَأَمَّا الزَّبَدُ} زَبَدُ الْمَاءِ، وَزَبَدُ الْحُلِيِّ، وَزَبَدُ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرُّصَاصِ {فَيَذْهَبُ جُفَاءً} يَعْنِي: لَا يُنْتَفَعُ بِهِ؛ فَهَذَا مِثْلَ عَمَلِ الْكَافِرِ؛ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الآخِرَةِ {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} فَيُنْتَفَعُ بِالْمَاءِ يُنْبِتُ عَلَيْهِ الزَّرْعُ وَالْمَرْعَى، وَيُنْتَفَعُ بِذَلِكَ الْحُلِيُّ وَالْمَتَاعُ؛ فَهَذَا مِثْلُ عَمَلِ الْمِؤْمِنِ يَبْقَى ثَوَابُهُ فِي الآخِرَةِ.
قَالَ محمدٌ: {الْجُفَاءُ} فِي اللُّغَةِ: هُوَ مَا رَمَى بِهِ الْوَادِي إِلَى جَنَبَاتِهِ؛ يُقَالُ: جَفَأَ الْوَادِي غُثَاءَهُ، وَجَفَأْتُ الرَّجُلَ إِذَا صَرَعْتُهُ، وَمَوْضِعُ {جُفَاءً} نَصْبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute