و {مقنعي رُءُوسهم} أَيْ: رَافِعِيهَا {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طرفهم وأفئدتهم} أَيْ: يُدِيمُونَ النَّظَرَ.
قَالَ محمدٌ: (طَرْفُهُمْ) يَعْنِي: نَظَرَهُمْ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: طَرَفَ الرَّجُلُ يَطْرِفُ طَرْفًا، إِذَا أَطْبَقِ أَحَدَ جَفْنَيْهِ عَلَى الآخَرِ؛ فَسُمِّيَ النَّظَرُ طَرْفًا؛ لأَنَّهُ بِهِ يَكُونُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَذْكُرُ سُهَيْلا - النَّجْمُ فِي السَّمَاءِ، وَشَبَّهَ اضْطِرَابَهُ بِطَرْفِ الْعَيْنِ.
(أُرَاقِبُ لَمْحًا مِنْ سهيلٍ كَأَنَّهُ ... إِذَا مَا بَدَا فِي دُجْنَةِ اللَّيْلِ يَطْرِفُ)
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وأفئدتهم هَوَاء} بَيْنَ الصَّدْرِ وَالْحَلْقِ؛ فَلا تَخْرُجُ مِنَ الْحَلْقِ، وَلا تَرْجِعُ إِلَى الصَّدْرِ؛ يَعْنِي: قُلُوبَ الْكُفَّارِ؛ هَذَا تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.
قَالَ محمدٌ: وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (هواءٌ) أَيْ: خَالِيَةٌ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ شيءٍ أَجْوَفَ خاوٍ، فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ هَوَاءٌ.
وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ:
كَأَنَّ الرَّحْلَ مِنْهَا فَوْقَ صعلٍ ... مِنَ الظِّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ}
يَقُولُ: لَيْسَ لِعَظْمِهِ مخ.
سُورَة إِبْرَاهِيم من الْآيَة (٤٤) إِلَى الْآيَة (٤٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute