في الموضع الثالث: في كتاب التفسير باب بدون ترجمة، وأشرنا إلى مراد البخاري من الباب الذي يذكره دون ترجمة، قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا وكيع عن علي بن المبارك يعني يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فذكره، ومناسبته لتفسير سورة المدثر ظاهرة؛ لأن هذا الباب يلي تفسير سورة المدثر، فهو فرع منها.
الموضع الرابع: في كتاب التفسير باب: {قُمْ فَأَنذِرْ} [(٢) سورة المدثر] قال: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره قالا: حدثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله فذكره مختصراً، ومناسبته ظاهرة حيث ذكرت الآية في الحديث، وأحياناً يقول الإمام البخاري -رحمه الله-: حدثنا فلان وغيره، ومسلم أيضاً يقولها: فيكنون بذلك عن الراوي الذي لا يحتاجون إلى ذكره، إما اكتفاءً بمن ذكر؛ لأنه إمام كبير فلا يحتاج إلى من يدعمه، ولو كان المحذوف ثقةً، وأحياناً يكنى عنه لأنه ضعيف، فمسلم يقول: حدثني فلان وغيره، يعني ابن لهيعة في أكثر من موضع، ولا يخل بالإسناد؛ لأنه يقتصر في ذلك على الثقة، ولا يحتاج إلى ذكر الضعيف، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- وهذا من باب الفائدة قد يروي الحديث عن اثنين أحدهما ثقة والآخر ضعيف، فيقتصر على ذكر الثقة، ويترك الضعيف، وليس هذا من باب تدليس التسوية كما قد يظنه بعض الطلاب؛ لأن تدليس التسوية: إسقاط ضعيف بين ثقتين، لقي أحدهما الآخر، فالثقة هنا يكفي عن الضعيف المحذوف، ولسنا بحاجة إلى رواية الضعيف، وأما في تدليس التسوية الضعيف لا بد من وجوده؛ لأنه واسطة بين الثقتين لا بد من وجوده، وإسقاطه مخل بالإسناد، أما إسقاط الضعيف الذي لا يحتاج إليه في مثل هذا لأن هذا الثقة روى عن الثقة الآخر مباشرة، وكونه شاركه في الرواية عن ذلك الثقة راوٍ ضعيف آخر، لا يخل بالإسناد ولا داعي لذكره.