"شدةً" بالنصب، مفعول يعالج، وقال الكرماني:"يجوز أن يكون مفعولاً مطلقاً أي يعالج معالجةً شديدة"، وكان مما يحرك شفتيه، يقول العيني:"اختلفوا في معنى هذا الكلام وتقديره، فقال القاضي: معناه كثيراً ما كان يفعل ذلك" وبهذا قال ثابت السرقسطي، وثابت له كتاب الدلائل، له ولأبيه قاسم، وهو من أنفس كتب غريب الحديث، وقال الكرماني:"أي كان العلاج ناشئاً من تحريك الشفتين، أي مبدأ العلاج منه، فعلى هذا تكون (ما) مصدرية، ويجوز أن تكون موصولة، وقد تجيء لمن يعقل، وصوب ابن حجر الأول، وقال في الثاني فيه نظر؛ لأن الشدة حاصلة قبل التحريك، وتعقب بأن الشدة وإن كانت حاصلةً قبل التحريك، إلا أنها لم تظهر إلا بتحريك الشفتين إذ هي أمر باطني لا يدركه الرائي إلا به، فقال ابن عباس: "فأنا أحركهما -أي شفتي لك وفي بعض النسخ: لكم- كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحركهما"، لم يقل ابن عباس كما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحركهما، لم يقل كما رأيت؛ لأن ابن عباس لم يدرك ذلك، وقال سعيد بن جبير: "فأنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما" لأنه رأى ذلك منه بخلاف ابن عباس فإنه لم يرَ النبي -عليه الصلاة والسلام- في تلك الحالة لسبق نزول آية القيام على مولده إذ كان مولده قبل الهجرة بثلاث سنين، ونزول الآية في بدء الوحي كما هو ظاهر صنيع المؤلف حيث أورده هنا، ويحتمل أن يكون أخبره أحد الصحابة أنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يحركهما، أو أنه -عليه الصلاة والسلام- أخبر ابن عباس بعد ذلك فرآه ابن عباس حينئذٍ، وفي مسند الطيالسي: قال ابن عباس: فأنا أحرك لك شفتي كما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحركهما، فإن ثبت ما في مسند الطيالسي فالتغيير من الرواة، وجملة: فقال ابن عباس إلى قوله: فأنزل الله اعتراض بالفاء، وفائدتها زيادة البيان بالوصف على القول، ومثل هذا يسمى المسلسل أو التسلسل، المسلسل بتحريك الشفة، لكنه لم يتصل تسلسله، والمراد بالمسلسل عند أهل الحديث ما تتابع الرواة على نقله من صفةٍ قولية أو فعلية، هنا لم يتتابع التسلسل انقطع، ما كل واحد يروي الحديث من لدن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى آخر الإسناد يحرك