شفتيه كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحركهما.
فأنزل الله تعالى:{لَا تُحَرِّكْ} [(١٦) سورة القيامة] يا محمد، {بِهِ} أي بالقرآن {لِسَانَكَ} قبل أن يتم وحيه {لِتَعْجَلَ بِهِ} لتأخذه على عجلٍ مخافة أن يتفلت منك، وفي تفسير ابن جرير من رواية الشعبي: عجل به لحبه إياه، ولا تنافي بين محبته إياه والشدة التي تلحقه في ذلك، {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [(١٧) سورة القيامة] أي قراءته فهو مصدر مضاف للمفعول والفاعل محذوف، والأصل: وقراءتك إياه، قال ابن حجر:"ولا منافاة بين قوله: يحرك شفتيه وبين قوله في الآية: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [(١٦) سورة القيامة] في الخبر: (يحرك شفتيه) والنهي عن تحريك اللسان، هل معنى هذا أنه يجوز له أن يحرك شفتيه؟ لأن النهي عن تحريك اللسان دون الشفتين؟ يقول ابن حجر: "ولا منافاة بين قوله: يحرك شفتيه وبين قوله في الآية: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} لأن تحريك الشفتين بالكلام المشتمل على الحروف التي لا ينطق بها إلا اللسان يلزم منه تحريك اللسان"، فإذا نهي عن تحريك اللسان فنهي عن تحريك الشفتين؛ لأن هذا لا يتم إلا بهذا، أو اكتفي بالشفتين وحذف اللسان لوضوحه لأنه الأصل في النطق، أو الأصل حركة الفم، وكل من الحركتين ناشئ عن ذلك، وهو مأخوذ من كلام الكرماني، وتعقبه العيني بأن الملازمة من التحريكين ممنوعة على ما لا يخفى، وتحريك الفم مستبعد بل مستحيل؛ لأن الفم اسم لما يشتمل عليه وعند الإطلاق لا يشتمل على الشفتين، ولا على اللسان لا لغةً ولا عرفاً، بل هو من باب الاكتفاء، والتقدير: فكان مما يحرك به شفتيه ولسانه، على حد قوله تعالى:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [(٨١) سورة النحل] أي والبرد، وفي تفسير الطبري من طريق جرير عن ابن أبي عائشة: ويحرك به لسانه وشفتيه، فجمع بينهما، قال ابن عباس في تفسير جمعه: أي جمعه بفتح الميم والعين لك صدرك، بالرفع على الفاعلية، وهذا في أكثر الروايات، وفي اليونينية: أي جمعه الله في صدرك، وإسناد الجمع على الصدر على حد: أنبت الربيع البقل، أي أنبت الله في الربيع البقل.