قال ابن حجر:"فيستدل به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، كما هو الصحيح في الأصول"، قال القسطلاني:"لا عن وقت الحاجة"، وهو الصحيح عند الأصوليين، ونص عليه الشافعي لما تقتضيه ثم من التراخي، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [(١٩) سورة القيامة] البيان إلى وقت الحاجة جائز، بدليل العطف بـ (ثم) وثم تقتضي التراخي، لكن البيان عن وقت الحاجة هذا الذي لا يجوز عند أهل العلم، وأول من استدل لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطيب وتبعوه على ذلك، قال القسطلاني:"وهذا لا يتم إلا على تأويل البيان بتبيين المعنى، وإلا فإذا حمل على استمرار حفظه له بظهوره على لسانه فلا"، قال الآمدي:"يجوز أن يراد بالبيان الإظهار لا بيان المجمل، يقال: بان الكوكب إذا ظهر"، قال:"ويؤيد ذلك أن المراد جميع القرآن، والمجمل إنما هو بعضه، ولا اختصاص لبعضه بالأمر المذكور دون بعض"، وقال أبو حسين البصري:"يجوز أن يراد البيان التفصيلي، ولا يلزم منه جواز تأخير البيان الإجمالي فلا يتم الاستدلال"، وتعقب باحتمال إرادة المعنيين الإظهار والتفصيل وغير ذلك؛ لأن قوله:{بَيَانَهُ} [(١٩) سورة القيامة] جنس مضاف فيعم جميع أصنافه، من إظهاره وتبيين أحكامه وما يتعلق بها من تخصيصٍ وتقييدٍ ونسخٍ وغير ذلك، وهذه الآية كقوله تعالى في سورة طه:{وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [(١١٤) سورة طه] فنهاه عن الاستعجال في تلقي الوحي من الملك ومساوقته في القرآن حتى يتم الوحي، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك إذا أتاه جبريل ملك الوحي المفضل به على سائل الملائكة ومعناه: عبد الله، يعني جبريل معناه عبد الله بالسريانية لأن جبر: عبد بالسريانية، وإيل: اسم من أسماء الله عندهم.