والحال أنهم "كانوا تجاراً" بضم التاء وتشديد الجيم على وزن كفار، وبالكسر والتخفيف على وزن: كلاب تجار، جمع تاجر أي متلبسين بصفة التجارة، "بالشام" بالهمز، وقد يترك، وقد تسهل الكلمة فيقال: بالشام، وهو متعلق بـ (كانوا)، كانوا بالشام، أو بقوله:(تجاراً) تجاراً بالشام، "في المدة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مادّ" بتشديد الدال أصله مادد، فأدغم الأول في الثاني من المثلين، أدغمت الدال في الدال، وهذه مفاعلة والممادة هذه والمفاعلة من الطرفين، والمراد مدة صلح الحديبية سنة ست "فيها أبا سفيان وكفار قريش" أي مع كفار قريش على وضع الحرب مدة عشر سنين، وكفار بالنصب مفعول معه، أو عطف على المفعول به، وهو أبا سفيان "فأتوه" أي أرسل إليهم في تقدير، أي أرسل إليهم في طلب إتيان الركب فجاء الرسول يطلب إتيانهم فأتوه، وقد وجدهم الرسول بغزة، وهم أي هرقل وجماعته، وفي رواية:"وهو بإيلياء" بالمد على وزن كبرياء، و (إيليا) بالقصر وبحذف الياء الأولى (إلياء) وهو بيت المقدس، والباء بمعنى في، الباء للظرفية بمعنى في، على هذا لا ينكر إذا قيل: بمكان كذا، والمراد في مكان كذا، "فدعاهم" هرقل حال كونه "في مجلسه وحوله" منصوب على الظرفية وهو خبر المبتدأ الذي هو "عظماء الروم"، وهم ولد عيص بن إسحاق بن إبراهيم على الصحيح، ودخل فيهم طوائف من العرب من تنوخ وبهراء وغيرهم من غسان كانوا بالشام، فلما أجلاهم المسلمون عنها دخلوا بلاد الروم واستوطنوها، فاختلطت أنسابهم، وعند ابن السكن:"وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان"، "ثم دعاهم"، قال:(ثم دعاهم) عطف على قوله: (فدعاهم) وليس بتكرار، بل معناه أمر بإحضارهم، فلما حضروا وقعت مهلة، ثم استدناهم كما أشعر بذلك العطف بـ (ثم) كأنه دعاهم فأحضروا إلى قصره، ثم دعاهم ثانية إلى مجلسه، فليس هذا من التكرار، "ودعا ترجمانه" وفي رواية: "بترجمانه"، وفي رواية:"بالترجمان"، وهو بفتح المثناة الفوقية وضم الجيم، وقد تضم التاء، والترجمان: المفسر من لغةٍ إلى لغة، وقد يطلق على المبلغ باللغة نفسها، كما في الصحيح في كتاب الإيمان عن أبي جمرة نصر بن عمران قال:"كنت أترجم بين ابن عباس والناس"، يعني