صدق أنا صاحب الروم، والله مالكي ومالكه، "سلام" بالتنكير، وفي رواية:(السلام) وجوز أهل العلم على حدٍ سواء، خيروا بين التعريف والتنكير في السلام على الحي، ولذا قالوا: ويخير بين تعريفه وتنكيره في سلام على الحي، أما بالنسبة للميت فيكتفى اللفظ النبوي الوارد:((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين ... )) الخ، "على من اتبع الهدى" أي الرشاد على حد قول موسى وهارون لفرعون: {وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} [(٤٧) سورة طه] والمعنى: سلم من عذاب الله من أسلم، فليس المراد به التحية، وإن كان اللفظ يشعر به؛ لأنه لم يسلم، فليس هو ممن اتبع الهدى.
"أما بعد" بالبناية على الضم، لقطعه عن الإضافة المنوية لفظاً، وسبق الحديث عنها باختصار في شرح المقدمة، وذكر الخلاف في أول من قالها من بين ثمانية أقوال، يجمعها قول الشاعر:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عدّ أقوال وداود أقربُ
الأقرب أنه داود -عليه السلام-، وأنها فصل الخطاب الذي أوتيه، ويؤتى بها للفصل بين الكلامين، وللانتقال من أسلوبٍ إلى آخر، وتقدم الكلام عليها في شرح المقدمة، والإتيان بها سنة كما تقدم ذكره؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لزمها في مكاتباته وفي خطبه -عليه الصلاة والسلام-، وينبغي أن يؤتى بها بلفظها (أما بعد) ولا تغني الواو عن (أما) وبعد، وإن كانت دارجة على ألسنة الناس، الناس يقولون: وبعد، لكن الأصل (أما بعد).
بعضهم يقول: ثم أما بعد؟
هذه لا داعي لها، ثم، لا داعي لها إلا إذا أوتي بها للانتقال مرةً ثانية إلى أسلوبٍ ثالث، تقول: ثم أما بعد عطفاً على أما بعد الأولى، نعم جاء في بعض نسخ تفسير الطبري العطف بـ (ثم) في الموضع الأول، لكن العبرة بما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، ما أثر عنه ولا نص واحد فيه (ثم أما بعد).
في قوله:(الهدى) -عليه الصلاة والسلام- المراد: الإسلام؟
الرشاد، الذي هو الإسلام، نعم، الدين الحق.
وبالتالي يفهم من هذا أنه لا يجوز أن يسلم على غير المسلم؟