للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: "أسلم تسلم" فيه غاية الاختصار، ونهاية الإيجاز والبلاغة، وجمع المعاني مع ما فيه من الجناس الاشتقاقي، وهو أن يرجع اللفظان في الاشتقاق إلى أصلٍ واحد، وفي الجهاد عند المؤلف: "أسلم تسلم، وأسلم يؤتك" بتكرار أسلم، مع زيادة الواو في الثانية، فيكون الأمر الأول للدخول في الإسلام، والثاني للدوام عليه على حد قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ} [(١٣٦) سورة النساء] قال الحافظ ابن حجر: "وعورض بأن الآية في حق المنافقين، أي يا أيها الذين آمنوا نفاقاً آمنوا إخلاصاً، قاله مجاهد"، ومنزلة مجاهد في التفسير معروفة، إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به، عرض التفسير ثلاث مرات على ابن عباس من أوله إلى آخره، وابن عباس -رضي الله عنه ما- يقول: "نزلت في مؤمني أهل الكتاب، يا أيها الذين آمنوا يعني بأنبيائهم السابقين آمنوا بمحمد -عليه الصلاة والسلام-"، وهي عند جماعة من المفسرين خطاب للمؤمنين بمحمدٍ -عليه الصلاة والسلام- ويكون المراد بـ (آمنوا) الثانية دوموا واثبتوا على إيمانكم، يا أيها الذين آمنوا أنتم على خير على إيمان لكن اثبتوا على هذا الخير ودوموا عليه، فيكون المراد الاستمرار عليه، ومنهم من يقول: أن المراد بـ (آمنوا) هنا: ازدادوا من الإيمان، يا أيها الذين آمنوا عندكم أصل الإيمان صحيح، لكن ازدادوا من الإيمان، فالإيمان يقبل الزيادة كما هو معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>