"فإن توليت" أي أعرضت عن الإسلام فإن عليك مع إثمك إثم اليريسين بمثناتين تحتيتين، جمع يريس على وزن كريم، وفي رواية:(الأريسين) بقلب المثناة الأولى همزة، وفي أخرى:(اليريسيين) بياءين جمع يريسي، وفي رواية:(الأريسيين) والمعنى أنه إذا كان عليه إثم الأتباع بسبب اتباعهم له على استمرار الكفر؛ فلأن يكون عليه إثم نفسه من باب أولى، فإن قلت: هذا معارض لقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(١٦٤) سورة الأنعام] أجيب بأن وزر الإثم لا يتحمله غيره، ولكن الفاعل المتسبب والمتلبس بالسيئات يتحمل من جهتين، جهة فعله، وجهة تسببه، أن يقتدى به في أي عمل سواء كان عمل خير أو عمل شر، من سنّ سنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سنةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، عليه إثمها وإثم من عمل بها، يتحمل إثمه بفعله وإثم غيره بالاقتداء به، ولا شك أن الكبراء والعظماء يقتدى بهم {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا} [(٦٧) سورة الأحزاب] فلا شك أن عليهم إثم من يقتدي بهم، والأريسيون الأكارون أي الفلاحون أي عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون لأمرك، ونبه بهم على جميع الرعايا لأنهم الأغلب في رعاياه، والأسرع انقياداً، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا.
وقال أبو عبيد: المراد بالفلاحين أهل مملكته؛ لأن كل من يزرع فهو عند العرب فلاح، سواء كان يلي ذلك بنفسه أو بغيره، فأهل مملكته أهل زراعة، منهم من يتولى الزراعة بيده وبنفسه، ومنهم من يتولاها بماله، فيؤاجر الناس عليها، وقيل: هم الأجراء، وقيل: العشارون، أي أهل المكس، وقيل: الخدم والخول.