"ويا أهل الكتاب" معطوفاً على قوله: أدعوك بدعاية الإسلام، وأدعوك بقوله تعالى، أو أتل عليك، أو أقرأ عليك: يا أهل الكتاب، وعلى هذا التقدير فلا تكون زائدةً في التلاوة، تكون خارجة عن التلاوة؛ لأن الواو إنما دخلت على محذوف ولا محذور فيه، وقيل أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يرد التلاوة، بل أراد مخاطبتهم بذلك، وحينئذٍ فلا إشكال، وعورض هذا بأن العلماء استدلوا بهذا الحديث على جواز كتابة الآية والآيتين إلى أرض العدو، ولولا أن المراد الآية لما صح الاستدلال، وهم أقوم وأعرف.
وحذفت الواو في بعض الروايات:(يا أهل الكتاب) فيكون بياناً لقوله: بدعاية الإسلام، وقوله:"يا أهل الكتاب" يعمّ أهل الكتابين، "تعالوا إلى كلمةٍ سواء" أي مستوية بيننا وبينكم لا يختلف فيها القرآن والتوراة والإنجيل، وتفسير الكلمة أن لا نعبد إلا الله، أي نوحده بالعبادة ونخلص له فيها، هذا القدر الذي هو التوحيد قدر مشترك بين الديانات كلها، الديانات السماوية، ((نحن معاشر الأنبياء أولاد علات، ديننا واحد)) فالأصل واحد، والشرائع مختلفة، "ولا نشرك به شيئاً" ولا نجعل غيره شريكاً له في استحقاق العبادة، "ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله" فلا نقول: عزير ابن الله، ولا المسيح ابن الله، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوه من التحريم والتحليل، لما نزل قوله تعالى:{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ} [(٣١) سورة التوبة] جاء في الحديث أن عدي بن حاتم قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: ما كنا نعبدهم يا رسول الله، قال:((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه))، "فإن تولوا -عن التوحيد- فقولوا: اشهدوا بأنا مسلمون" أي لزمتكم الحجة فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم، أو اعترفوا بأنكم كافرون بما نطقت به الكتب، وتطابقت عليه الرسل، وقد قيل: إنه -صلى الله عليه وسلم- كتب ذلك قبل نزول الآية فوافق لفظه لفظها لما نزلت؛ لأن الآية نزلت في وفد نجران سنة الوفود سنة تسع، وقصة أبي سفيان قبل ذلك سنة ست، وقيل: بل نزلت في اليهود: وجوز بعضهم نزولها مرتين، نزلت قبل قصة أبي سفيان، وفي سنة الوفود سنة تسع ...