المقدم: هناك إشكال -أحسن الله إليكم- حقيقة يرد كثيراً في خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال:((إني أدعوكم بدعاية الإسلام، اسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين)) كيف يحمل وزر هؤلاء أي الأريسيين إذا لم يسلم؟ هل من عادة الملوك منع أتابعهم من الإسلام، أو بمجرد أن يكون ذا سلطةٍ وبالتالي يتبعه من تحته، ويكون عليه الوزر لامتناع دخول جمهرة الناس في دين الإسلام؟
سبقت الإشارة إلى شيءٍ من ذلك، وأن ليس لأحد أن يحمل وزر غيره {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(٧) سورة الزمر] لكن هو سبب في صدهم عن الإسلام، سواء كان بفعله إذا اقتدوا به، أو بقوله وإلزامه وإكراهه لهم، فمجرد الاقتداء به لا شك أنه سبب في صدهم عن دين الإسلام، وهذا يجعل على طالب العلم مسؤولية كبرى في أن يعمل بعلمه، عليه أن يعمل بعلمه؛ لأنه إذا لم يعمل بعمله واقتدى به الناس تحمل آثامهم وأوزارهم لماذا؟ لأنهم يقولون: لو كان ما يقوله حق؟ لفعله هو، هو أولى الناس به، فدل على أنه غير مقتنع بما يقول؟ فهو وإن أمر الناس بقوله فقد صدهم عن الاقتداء به بفعله، فعلى طالب العلم وعلى العالم أن يكون داعيةً بقوله وفعله؛ لأن الاضطراب والازدواجية بين القول والفعل تجعل عامة الناس يضطربون فلا يدرون يصدقونه فيما يقول أو يقتدون به فيما يفعل؟ لا شك أن مثل هذا له نصيب من الصد عن دين الله.
وكثيراً ما نرى بعض عامة الناس يستدل الشيخ الفلاني يقول كذا، الشيخ الفلاني يفعل كذا، الشيخ الفلاني يجر ثوبه، الشيخ الفلاني يقص من لحيته، يقولون مثل هذا الكلام فهم يقتدون بفعله، ولا شك أن القدوة والأسوة هو محمد -عليه الصلاة والسلام-، لكن حذاري حذاري أن يكون العالم أو طالب العلم ممن يكون داعية شرٍ وداعية ضلال بفعله، وإن أظهر بلسانه خلاف فعله، والله المستعان.
المقدم: أحسن الله إليكم، هذا النص جاء في الإمام لأمةٍ كاملة، ومع ذلك جاء هذا التحذير الشديد، ألا ترون أن ولي الأمر في المنزل أيضاً ربما يناله حظ من هذا الإثم إذا كان سبب لصد أبناءه ومن تحت يده من الهداية بأن يسر لهم سبل الشر في المنزل، ألا يناله وزر من هذا يكون من تحته؟