للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى كل حال الخطب سهل، هو ثلاثي ساكن الوسط فيخف على اللسان ويهون ويسهل صرفه، مثل نوح ولوط وهند، وإنما سار هرقل إلى حمص لأنها دار ملكه، "فلم يرم" أي يبرح منها أو لم يصل إليها هرقل "حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه -ضغاطر- يوافق رأي هرقل على خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- -أي ظهوره- وأنه نبي" وهذا يدل على أن هرقل وصاحبه أقرا بنبوته -صلى الله عليه وسلم-، لكن هرقل لم يستمر على ذلك، ولم يعمل بمقتضاه، بل شحّ بملكه ورغب في الرياسة، وآثر الدنيا على الآخرة، بخلاف صاحبه ضغاطر فإنه أظهر إسلامه وخرج على الروم فدعاهم إلى الإسلام فقتلوه، "فأذن -بالقصر من الإذن وفي رواية: (فآذن) بالمد أي أعلم- هرقل لعظماء الروم في دسكرة" دسكرة وهي القصر يكون حوله البيوت، "له -أي كائنة له - بحمص، ثم أمر بأبوابها -أي أبواب الدسكرة- فغلقت" بتشديد اللام وكأنه دخلها ثم أغلقها، وفتح أبواب البيوت التي حولها، وأذن للروم في دخولها ثم أغلقها، دخل أولاً ثم أغلق على نفسه خوفاً منهم، "ثم اطلع" عليهم من علو، خوف أن ينكروا مقالته فيقتلوه كما قتلوا صاحبه ضغاطر، ثم خاطبهم "فقال: يا معشر الروم، هل لكم -رغبة- في الفلاح والرشد؟ " بالضم ثم السكون، أو بفتحتين الرشد، وهو خلاف الغي، "وأن يثبت ملككم، فتبايعوا" منصوب بحذف النون بأن مقدرة في جواب الاستفهام، وفي نسخةٍ: (فبايعوا) وفي روايةٍ: (نبايع) بنون الجمع ثم موحدة، وفي رواية: (نتابع) وفي رواية: (فتتابعوا) من الاتباع أو من البيعة وفي نسخة: (فنتبع) "هذا الرجل" النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية: (لهذا) وإنما قال هرقل هذا لما عرفه من الكتب السابقة أن التمادي على الكفر سبب لذهاب الملك، ونقل أن في التوراة: ونبياً أرسله أي إنسانٍ لم يقبل كلامي الذي يؤديه عني فإني أهلكه، هذا منقول من التوراة، والله أعلم.

"فحاصوا -أي نفروا- حيصة حمر الوحش -أي كحيصتها- إلى الأبواب فوجودها قد غلقت" بالتشديد، وشبه نفرتهم مما قال لهم من اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفرة حمر الوحش؛ لأنها أشد نفرةً من سائر الحيوانات، ولذا جاء في سورة المدثر: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ} [(٥٠) سورة المدثر].

<<  <  ج: ص:  >  >>