للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

في البداية أشكر الأخ الزهراني على عنايته واهتمامه ومتابعته للبرنامج، وأسئلته الدقيقة التي تُنم عن فهم وإدراك، وسوف نخصص لأسئلته وأسئلة غيره -إن شاء الله تعالى- حلقات لاحقة -بإذنه تعالى-، أما ما يتعلق بالإيمان وتعريفه فقد مضى تعريفه عند الفرق المنتسبة إلى الإسلام، فذكرنا تعريف أهل السنة والجماعة وأنه قول وعمل واعتقاد، ويشاركهم في التعريف الخوارج والمعتزلة على اختلاف بينهم في حقيقة المراد من العمل، وهذا سبق أن بيناه وفصلناه، فعند الخوارج أنه كتلة واحدة وهيئة مجتمعة لا يمكن أن تختل بوجه من الوجوه، فترتفع حقيقة الإيمان بارتفاع جزء من أجزائه، فيحكمون على مرتكب الكبيرة بأنه كافر يقاربهم المعتزلة يقولون: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، لكنه يختل باختلال أي جزء من أجزاء العمل، وإن كانوا لا يوافقون الخوارج على تكفير مرتكب الكبيرة في الدنيا، ويقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، وأما في الآخرة فيوافقونهم فيقولون: هو مخلد في النار، هذا من أجل إزالة اللبس؛ لأن من يقرأ في تعريف الإيمان عند أهل السنة وعند الخوارج وعند المعتزلة يجد في التعريف النظري شبه تتطابق، وهذا أشرنا إليه سابقاً وعرفنا أن العمل المراد به عمل اللسان وهو نطقه، وكذلكم عمل الجوارح، وذكرنا أن النطق باللسان والتصديق به أمر لا بد منه، بل هو شرط لإجراء الأحكام الدنيوية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علق حقن الدم بالقول، فثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فلا بد من النطق حينئذٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>