للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أما العمل فالعمل نوعان: عمل القلب وعمل الجوارح، أما عمل القلب من الحب والخوف والخشية والرغبة والرهبة وغيرها فأمر لا بد منه؛ لأن مجرد تصديق القلب مع عدم عمله لا يمكن أن يكون إيماناً وإلا لصار إبليس وفرعون من المؤمنين لوجود المعرفة في قلوبهم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "لا بد في الإيمان في القلب من تصديق بالله ورسوله، وحب الله ورسوله، وإلا فمجرد التصديق مع البغض لله ولرسوله ومعاداة الله ورسوله ليس إيماناً باتفاق المسلمين، وليس مجرد التصديق والعلم يستلزم الحب إلا إذا كان القلب سليماً من المعارض كالحسد والكبر؛ لأن النفس مفطورة على حب الحق، وهو الذي يلائمها، ولا شيء أحب إلى القلوب السلمية من الله، وهذا هو الحنيفية وملة إبراهيم -عليه السلام-، الذي اتخذه الله خليلاً، قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(٨٨ - ٨٩) سورة الشعراء] يقول: فليس مجرد العلم موجباً لحب المعلوم إن لم يكن في النفس قوة أخرى تلاءم المعلوم، وهذه القوة موجودة في النفس" هكذا قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، وأما دخول عمل الجوارح في الإيمان بينه شيخ الإسلام أيضاً بما يلي: حيث قال: "أصل الإيمان هو ما في القلب والأعمال الظاهرة لذلك لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، يقول: لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب فصار الإيمان متناولاً للملزوم واللازم، وإن كان أصلهما في القلب، وحيث عطفت عليه الأعمال فإنه أريد أنه لا يكتفى بإيمان القلب، بل لا بد معه من الأعمال الصالحة" هذا أمر مهم حيث عطفت الأعمال على الإيمان؛ لأنه قد يقول قائل: إن العطف يقتضي المغايرة.

المقدم: إن العطف يقتضي المغايرة، نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>