لماذا عطفت {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [(٢٢٧) سورة الشعراء]؟ حيث عطفت عليه الأعمال فإنه أريد أنه لا يكتفى بإيمان القلب، بل لا بد معه من الأعمال الصالحة، يقول: ثم للناس في مثل هذا قولان -يعني: في العطف- منهم من يقول: المعطوف دخل في المعطوف عليه أولاً، ثم ذكر باسمه الخاص تخصيصاً له لئلا يظن أنه لم يدخل في الأول، وقالوا: هذا في كل ما عطف فيه خاص على عام، كقوله تعالى:{مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [(٩٨) سورة البقرة].
المقدم: وجبريل.
{وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [(٩٨) سورة البقرة] وهما من الملائكة.
المقدم: نعم.
وقوله:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [(٧) سورة الأحزاب] وهم من النبيين، وقوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} [(٢) سورة محمد] فخص الإيمان بما نزل على محمد بعد قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} وهذه نزلت في الصحابة وغيرهم من المؤمنين، هذا كلام الشيخ -رحمه الله تعالى-، يقول أبو عمر بن عبد البر -رحمه الله تعالى- في التمهيد: أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والطاعات كلها عندهم إيمان إلا ما ذُكر عن أبي حنفية وأصحابه، فإنهم ذهبوا إلى أن الطاعات لا تسمى إيماناً، قالوا: إنما الإيمان التصديق والإقرار، ومنهم من زاد المعرفة" كذا في التمهيد.