البغوي في شرح السنة يقول:"اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان، ثم قال: وقالوا: إن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة، وجاء الحديث بالنقصان في وصف النساء، ويقول النووي في شرح البخاري في القطعة التي شرحها من صحيح البخاري: "وأما إطلاق اسم الإيمان على الأعمال فمتفق عليه عند أهل الحق، ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تشهر، قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [(١٤٣) سورة البقرة] أجمعوا على أن المراد صلاتكم، ومثله الآيات التي ذكرها البخاري في الباب، وسيأتي ذكرها وتفصيلها عند الكلام على أبواب الصحيح -إن شاء الله تعالى-، وأما الأحاديث فخارجة عن الإحصاء وستمر بها في مواضعها يعني من الصحيح، وهذا المعنى أراد الإمام البخاري في صحيحه بالأبواب الآتية بعد هذا كقوله: باب أمور الإيمان، باب الصلاة من الإيمان، باب الزكاة من الإيمان، باب الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه، وأراد الرد على المرجئة في قولهم الفاسد أن الإيمان قول بلا عمل، وبين غلطهم، وسوء اعتقادهم، ومخالفتهم الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، قال الإمام أبو الحسن بن بطال: مذهب جميع أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، والمعنى الذي يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه الأمور الثلاثة: التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر وعمل بلا اعتقاد، أو اعتقد وعمل وجحد بلسانه لا يكون مؤمناً، فكذا إذا أقر واعتقد ولم يعمل الفرائض لا يسمى مؤمناً بالإطلاق؛ لقول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [(٢ - ٤) سورة الأنفال] فأخبر الله -سبحانه وتعالى- أن المؤمن لا يكون إلا من هذه صفته؛