الإمام البخاري الذي أثنى عليه شيخ الإسلام بقوله، لا سيما في كتاب الإيمان الذي افتتح به الصحيح، يقول شيخ الإسلام: كتاب الإيمان الذي افتتح به البخاري صحيحه قرر مذهب أهل السنة والجماعة، وضمنه الرد على المرجئة، يقول: فإنه كان من القائمين بنصر السنة والجماعة، مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان، يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الذي وصفه شيخ الإسلام ونعته بهذا يقول عن الإيمان: وهو قول وفعل، يزيد وينقص، ثم ذكر الآيات التي تدل على زيادة الإيمان، قال الله تعالى:{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} [(٤) سورة الفتح] {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [(١٣) سورة الكهف] {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [(٧٦) سورة مريم] {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [(١٧) سورة محمد] {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [(٣١) سورة المدثر] وقوله: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [(١٢٤) سورة التوبة] قوله -جل ذكره-: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} [(١٧٣) سورة آل عمران] وقوله تعالى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [(٢٢) سورة الأحزاب] ... إلى آخر ما ذكره -رحمه الله- مما يدل على زيادة الإيمان بالأعمال الصالحة، فدل هذا على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان شرعاً، ابن القيم -رحمه الله تعالى- بين أن حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل، يقول: والقول قسمان: قول القلب وهو الاعتقاد، وقول اللسان وهو التكلم بكلمة الإسلام، والعمل قسمان: عمل القلب وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح، فإذا زالت هذه الأربعة زال الإيمان بكامله، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء، فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها، وكونها نافعة، وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد التصديق فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل يقرون به