سراً وجهراً، ويقولون: ليس بكاذب، يصدقونه! يقولون: ليس بكاذب، لكن هل نفعهم هذا التصديق؟ لم ينفعهم؛ لأنهم يقولون: ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به، وإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح، ولا سيما إذا كان ملزوماً لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم، فإنه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح، إذ لو أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت، ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة، وهو حقيقة الإيمان، فإن الإيمان ليس هو مجرد التصديق، وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبينه، بل هو معرفته المستلزمة لأتباعه والعمل بموجبه، وإن سمي الأول هدى فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء، كما أن اعتقاد التصديق وإن سمي تصديقاً فليس هو التصديق المستلزم للإيمان، فعليك مراجعة هذا الأصل ومراعاته، ذكره ابن القيم في كتاب الصلاة.