نعم، لمجرد التصديق ولو عمل ما عمل من الكبائر، وترك ما ترك من الأوامر، الذي يسمع هذا الكلام من عامة الناس، أو من آحاد المتعلمين يظن أن الإمام أبا حنيفة لا يقيم للأعمال وزناً، فيتهاون بها، ولذا يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: لا سيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم؛ لأنهم لما وافقوا الجهمية في عدم دخول العمل في مسمى الإيمان، وإن اختلفوا معهم في أصل الاعتقاد؛ لأن أولئك يقتصرون على المعرفة دون النطق.
المقدم: نعم، يعني كأن شيخ الإسلام يرى أن مرجئة الفقهاء أو أن قولهم صار من آثاره مثل هذه البدع التي ازدادت شيئاً فشيئاً مثل بدعة الإرجاء المحض ...
نعم.
المقدم: كأنها من آثار مرجئة الفقهاء.
كأنهم سهلوا السبيل ويسروه لمن زاد في بدعته، ولمن أخل بالأعمال الصالحة وارتكب بعض المحرمات؛ لأن هذا يفتح باب لعامة الناس الذين يسمعون مثل هذا الكلام فلا يعظمون الأمر والنهي، وبهذا يخرجون عن ربقة الإسلام وهم لا يشعرون، إذا تركوا جميع الأوامر، وارتكبوا جميع الفواحش والمنكرات ماذا يبقى لهم من أصل الإيمان؟!
المقدم: هم يرون أن أصل الإيمان واحد وهو مجرد التصديق كيف يقول مرجئة الفقهاء؟ كيف يبررون تفاضل إيمان أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- وبقية الأمة مثلاً؟
يقولون: هو في أصل الإيمان واحد، لا فرق، ولذا يقول بعض ولاتهم: إن إيمانه كإيمان جبريل، بل يقول: إن إيمان أفسق الناس وأفجر الناس وإيمان جبريل واحد.
المقدم: إذاً الذي وقر في قلب أبي بكر ما هو؟ الذي جعله يفضل على الأمة؟