الخوارج من باب أولى، السلف جعلوها شرطاً في كماله، لكن يرد على هذا كيف نقول: بأنه شرط وهو أيضاً كمال، الكمال قدر زائد على الماهية، والشرط لا تحصل الماهية إلا بحصوله، فهذا تناقض، نعم.
المقدم: نعم.
هذا تناقض، كأنك تقول: هذا شرط لكنه سنة؛ لأن الكمال القدر الزائد على الواجب، الصواب أنه عند السلف شرط صحة، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن هل يشترط كل عمل من الأعمال شرط لصحة الإيمان؟ كل عمل بمفرده شرط لصحة الإيمان، يرتفع بارتفاعه كما يقول الخوارج والمعتزلة؟
المقدم: يعني أفراد الأعمال.
أفراد الأعمال، أو المقصود المشترط جنس العمل لا جميعه؟ المقصود كما قرره شيخ الإسلام المشترط جنس العمل، خلافاً للخوارج والمعتزلة، فإذا ترك جنس العمل بمعنى أن الشخص إذا لم يعمل شيئاً مما أمره الله به فإن اسم الإيمان يرتفع عنه، إذا لم يعمل شيئاً ألبتة، أما إذا عمل شيئاً وترك شيئاً مما لا يكفر بتركه فإن اسم الإيمان لا يرتفع بالكلية، بل هو عند أهل السنة مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، كما قرر ذلك أهل العلم المحققون من أهل السنة والجماعة، وبسط هذا الموضوع وهو الإيمان سيأتي -إن شاء الله تعالى- في ثنايا الكلام على أبواب الصحيح -إن شاء الله تعالى-.
هذا وقد ألف بعض المعاصرين كتباً ينصر فيها مذهب المرجئة، ويزعم أنه قول أهل السنة والجماعة والسلف لكن اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية ردوا عليه، وبينوا المذهب الصحيح في المسألة، وأن مذهب أهل السنة والجماعة يدخلون العمل في مسمى الإيمان، ونصحوا هذا الكاتب بأن يراجع ما كتب، وأن يقرر الصواب بدليله، فعله أن ينصاع لما نصحه به هؤلاء الأئمة من أئمة العصر، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المقدم: جزاكم الله خير، وأحسن إليكم، ونسأل الله تعالى أن يمن علينا وعلى الجميع بالهداية والتوفيق، وأن يردنا وإياهم إلى الحق رداً جميلاً.
مستمعي الكرام انتهت حلقة هذا الأسبوع من برنامج:(شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح) لي بكم لقاء -بإذن الله- في حلقة الأسبوع القادم وأنتم على خير، حتى ذلكم الحين أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.