إذا شرحوا الحديث استحضروا الروايات الأخرى؛ لأن أولى ما يفسر به الحديث الحديث، كما أن أولى ما يفسر به القرآن القرآن، الحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله:(باب: أمور الإيمان) قال العيني: أي هذا بابٌ في بيان أمور الإيمان، فيكون ارتفاع باب على أنه خبر مبتدأ محذوف، والمراد بالأمور هي الإيمان؛ لأن الأعمال عنده هي الإيمان، يعني عند البخاري هي الإيمان، فعلى هذا تكون الإضافة بيانية، ويجوز أن يكون التقدير باب الأمور التي للإيمان في تحقيق حقيقته وتكميل ذاته، فعلى هذا تكون الإضافة بمعنى اللام، وفي رواية الكُشمهني: باب أمر الإيمان بالإفراد على إرادة الجنس، يقول ابن بطال: التصديق أول منازل الإيمان، والاستكمال إنما هو بهذه الأمور، وأراد البخاري الاستكمال، ولهذا بوب أبوابه عليه، فقال: باب أمور الإيمان، باب الجهاد من الإيمان، باب الصلاة من الإيمان، باب الزكاة من الإيمان، وأراد بهذه الأبواب كلها الرد على المرجئة القائلين بأن الإيمان قول بلا عمل، وتبيين غلطهم ومخالفتهم للكتاب والسنة، والحديث مخرج في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو موجود في مسند أحمد، وصحيح ابن حبان، وعند غيرهم أيضاً، فهو حديث مشهور مستفيض في دواوين الإسلام.
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخنا، جاء في حديث: أن الأحنف بن قيس عندما جاء في وفد قومه للنبي -صلى الله عليه وسلم- تعجل قومه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وانتظر هو، وجهز نفسه ولباسه وراحلته، يعني: في مكانها المناسب، ثم جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له -عليه الصلاة والسلام-: ((إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله)) قال: يا رسول الله أخصلتين جبلت عليهما أم تخلقت بهما؟ قال:((بل جبلت عليهما)) قال: الحمد لله الذي جبلني على شيء يحبه الله ورسوله، أليس في هذا دليل على أن الخصلة التي جُبل عليها الإنسان سواء كانت الحياء أو غيره -وموضوعنا في الحياء- يؤجر عليها الإنسان، وإن كانت محض فضل من الله لا اكتساب له فيها؟ والله -عز وجل- هو الممتن بالفضل والجزاء.