للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كل حال عبد الله بن عمرو أحد المكثرين من الرواية، روي له عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعمائة حديث، اتفق على سبعة عشرة حديثاً، وانفرد البخاري بثمانية، ومسلم بعشرين، توفي بمكة، وقيل: بالطائف، وقيل: بمصر، سنة ثلاث أو خمس أو سبع وستين، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على الحديث بقوله: (باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) يقول العيني: فإن قلت: لمَ لم يبوب البخاري على الجملة الأخيرة من الحديث: ((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) قلت: لأن في صدر الحديث لفظة المسلم، والكتاب الذي يحوي هذه الأبواب كلها من أمور الإيمان والإسلام، قال: فإن قلت: هجر المنهيات أيضاً من أمور الإسلام، قلتُ: بلى، ولكنه في تبويبه بصدر الحديث اعتناء بذكر لفظٍ فيه مادة من الإسلام وهو المسلم، قوله: ((المسلم)) قيل: الألف واللام فيه للكمال، نحو: زيدٌ الرجل، أي: الكامل في الرجولية، قال ابن حجر: وتعقب بأنه يستلزم أن من اتصف بهذا خاصة كان كاملاً، ويجاب بأن المراد بذلك مع مراعاة باقي الأركان، يقول الخطابي: المراد أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق الله تعالى أداء حقوق المسلمين، يقول ابن حجر: وإثبات اسم الشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم، ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن يبين علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه، وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده، كما ذُكر مثله في علامة المنافق، ويحتمل أن يكون المراد بذلك الإشارة إلى الحث على حسن معاملة العبد مع ربه؛ لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>