يقول العيني: فيه نظر وخدش من وجهين: أحدهما: أن قوله يحتمل أن يكون المراد بذلك الإشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه ممنوع؛ لأن الإشارة ما ثبت بنظم الكلام وتركيبه مثل العبارة غير أن الثابت من الإشارة غير مقصود من الكلام، ولا سيق الكلام له، يقول: فانظر هل تجد فيه هذا المعنى؟ يعني: هل أشير بالحديث الذي فيه الإشارة إلى حسن معاملة العبد مع أخيه المسلم، هل فيه إشارة ولو من بعد إلى حسن المعاملة مع الرب؟ يقول: يحتمل أن يكون المراد بذلك الإشارة إلى الحث على حسن معاملة العبد مع ربه؛ لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، الوجه الأول من وجهي الخدش عند العيني يقول: هذا ممنوع؛ لماذا؟ لأن الإشارة ما ثبت بنظم الكلام وتركيبه مثل العبارة، كأنه يقول: إن التنصيص على المراد يكون باللفظ، يكون بالمنطوق، والإشارة إليه تكون بالمفهوم، ومعاملة الرب لم ترد لا في منطوق الحديث ولا في مفهومه، لكن لا يمنع أن ينبه بالأدنى على الأعلى، كما نبه الله -سبحانه وتعالى- بالنهي عن إيذاء الأبوين بمنع التأفيف {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(٢٣) سورة الإسراء] قد يقول قائل: ليس فيه إشارة إلى منع الضرب لا بالمفهوم ولا بالمنطوق، نقول: هذا من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، فإذا مُنع التأفيف مُنع الضرب من باب أولى، وهنا إذا اعتني بحسن معاملة العبد فالعناية بحسن المعاملة مع الرب من باب أولى، وبهذا يتبين ضعف الوجه الذي خدش به العيني كلام ابن حجر.
يقول: والثاني أن قوله: فأولى أن يحسن معاملة ربه ممنوع أيضاً، ومن أين الأولوية في ذلك؟! والأولوية موقوفة على تحقق المدعى، والدعوى غير صحيحة؛ لأننا نجد كثيراً من الناس يسلم الناس من لسانهم وأيديهم ومع هذا لا يحسنون المعاملة مع الله تعالى.