((من لسانه ويده)) خص اللسان بالذكر لأنه المعبر عما في النفس، وهكذا اليد؛ لأن أكثر الأفعال بها، لا شك أن اللسان هو المعبر عما في الضمير، الناس لا يدرون ولا يعرفون ما في نفس الشخص إلا إذا نطق؛ ولهذا لا يؤاخذ في أحكام الدنيا إلا إذا نطق بلسانه، وكذلك اليد أكثر الأفعال بها، بها الأخذ، وبها الإعطاء، وبها الضرب، وبها .. إلى غير ذلك من .. ، بها الأكل والشرب، المقصود أن اليد هي التي تستعمل في غالب التصرفات، وعبر باللسان دون القول ما قال: من قوله ويده، أو قوله وعمله، عبر باللسان دون القول ليدخل من أخرج لسانه استهزاء بصاحبه يؤاخذ؛ لأن المسلم لم يسلم من لسانه، فلو قال: من سلم المسلمون من قوله لما دخل مثل هذا؛ لأنه لم يقل شيئاً، وإن كان القول بالمعنى الأعم يشمل الفعل أيضاً (قال بيديه هكذا) يعني في التيمم (قال بيديه هكذا) والقول هنا المراد به الفعل، المقصود أن هكذا قال الشراح.
يقول ابن حجر: والحديث عام بالنسبة إلى اللسان دون اليد؛ لأن اللسان يمكنه القول في الماضين والموجودين حديث عام بالنسبة إلى اللسان دون اليد؛ لأن اللسان يمكنه القول في الماضين والموجودين والحادثين بعد، يعني: من يأتي بعد قد لا يسلم من لسان بعض الناس، كما أن الماضين لم يسلموا من ألسنة كثير من الناس فضلاً عن الموجودين، نعم يمكن أن تشارك اليد اللسان في ذلك بالكتابة، وإن أثرها في ذلك لعظيم، أقول: ما أعظم أثر كتابة اليد، وكم من شخص ضل بسببها؛ لأن الإنسان يكتب بيده ما لا يحسب له حساب، فيضل بسببه من يقرأه ممن يأتي بعده، وهذا ظاهر في كتب المبتدعة التي ضل بسببها قرون متطاولة، وأجيال من الناس، ومثل الكتابة حفظ الكلام بآلات التسجيل، فعلى المسلم أن يحسب لكل عمل يقدم عليه حسابه، وينظر هل يستفيد أحد من كلامه أو يتضرر؟ فيقدم بناء على ذلك أو يُحجم، والله المستعان.