يقول: المراد بالميل هنا الاختياري دون الطبيعي والقسري، والمراد أيضاً أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له لا عينه، سواء كان في الأمور المحسوسة أو المعنوية، يحب المرء المسلم لأخيه أن يحصل لأخيه من الأمور المحسوسة من متاع هذه الدنيا ما يحب لنفسه، كما أنه يحب أن يكون له من الأمور المعنوية من لذة العبادة مثلاً والتلذذ بمناجاة الله، والتلذذ بطاعته ما يحبه لنفسه، وهذا خلاف المشاهد من كثير من المسلمين، الذي يحب الواحد منهم أن يستأثر بهذا الشيء ويفوق به أقرانه.
سواء كان ذلك في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له، لا مع سلبه عنه، ولا مع بقائه بعينه، ما يتمنى أن تكون هذه المرأة الصالحة الجميلة لأخيه دونه هذا ما يلزمه، ولا يلزم أن تحصل لهما بالاشتراك؛ لماذا؟ ولا بقائه بعينه له، إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال، العيني يقول: المراد أيضاً بأن يحب ... إلى آخره ليس تفسيراً للمحبة، وإنما المحبة مطالعة المنة من رؤية إحسان أخيه وبره وأياديه ونعمه المتقدمة التي ابتدأ بها من غير عمل استحقها به، وستره على معايبه، وهذه محبة العوام، قد تتغير بتغير الإحسان، فإن زاد الإحسان زاد الحب، وإن نقصه نقص، وأما محبة الخواص فهي تنشأ من مطالعة شواهد الكمال لأجل الإعظام والإجلال، ومراعاة حق أخيه المسلم فهذه لا تتغير لأنها لله تعالى لا لأجل غرض دنيوي كذا قال.