قال ابن حجر: فإن قيل: فيلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمناً كاملاً، وإن لم يأتِ ببقية الأركان، أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة أو يستفاد من قوله:((لأخيه)) ملاحظة بقية صفات المسلم، هذا ورد مورد المبالغة، يعني كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) مع أنه لا بد أن يأتي بجميع ما يطلبه الإسلام من الأركان، ويجتنب ما ينهى عنه الإسلام، في رواية ابن حبان:((لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان)) ومعنى الحقيقة هنا الكمال ضرورة أن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافراً، وبهذا يتم استدلال المصنف على أنه يتفاوت، وأن هذه الخصلة من شعب الإيمان، وجه استدلال المصنف بالحديث وإدخاله في كتاب الإيمان، أولاً نفي الإيمان عن من لم يتصف بهذه الصفة وبهذه الخصلة وبهذه الشعبة، والمراد نفي الإيمان الكامل كما أشار إليه الشراح.
((حتى يحب)) بالنصب لأن حتى جارة، كيف بالنصب وحتى جارة؟ نعم، حتى جارة، وهي من حروف الجر كما هو معروف.
هاك حروف الجر وهي من إلى ... حتى خلا حاشا عدا في عن على
إلى آخره.
يقول:((حتى يحب)) بالنصب؛ لأن حتى جارة، وأن بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة، فلا يصح المعنى حينئذٍ، إذ عدم الإيمان ليس سبباً للمحبة.
والمحبة كما قال النووي الميل إلى ما يوافق المحب، وقد تكون بحواسه كحسن الصورة، أو بفعله، إما لذاته كالفضل والجمال، وإما لإحسانه كجلب نفع أو دفع ضر، يقول ابن حجر: المراد بالميل هنا الاختياري دون الطبيعي والقسري، والمراد أيضاً أن يحب أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له لا عينه سواء، أن يحب لأخيه ما يحب، يحب لأخيه الذي يحبه هذا الأصل، لكن هل هذا متصور؟ لو تصورنا أن رجل وفق بزوجة جميلة وصاحبة دين، هل نقول: عليه أن يتمنى ويحب لأخيه هذه الزوجة لأنه يحب هذه الزوجة ويحبها لنفسه؟ هذا مستحيل، لكن يحب له نظير ما حصل له.