العيني أراد أن يتعقب ابن حجر، ولعله في هذا المجال بأي كلام لذات التعقب يقول: الذي ذكره -يعني: ابن حجر- لا يرد على الكرماني وإنما يرد على البخاري، هل البخاري أفصح بمراده؟ ما أفصح البخاري بمراده، ولعل مراده التنويع، الكرماني هو الذي أفصح بمراد البخاري وابن حجر تعقب الكرماني في هذا الإفصاح، يعني: في تحديده مراد البخاري -رحمه الله تعالى-، لكن كلام العيني آخره جيد، ولكن يمكن أن يجاب عنه بأنه: إنما قدم لفظ حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إما اهتماماً بذكره، أو استلذاذاً باسمه مقدماً؛ ولأن محبته هي عين الإيمان، ولولاه ما عرف الإيمان، الرابط بين هذا الباب والذي قبله (باب إطعام الطعام من الإسلام) أن الشعبة في الباب الأول وهي إطعام الطعام غالباً لا تكون إلا عن محبة المطعَم، وهذا الباب فيه هذه المحبة.
قوله:((لا يؤمن)) الذي عندنا في المتن ((لا يؤمن أحدكم)) في كثير من الروايات: ((لا يؤمن)) وعليها شرح ابن حجر والقسطلاني وغيرهم.
((لا يؤمن)) الفاعل من يدعي الإيمان، وفي رواية:((أحدكم)) كما هو مثبت هنا، وعزاها ابن حجر للمستملي وللأصيلي ((أحدٌ)) ولابن عساكر ((عبد)) وكذا لمسلم عن أبي خيثمة، والمراد بالإيمان المنفي هنا كمال الإيمان، ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم، كقولهم: فلان ليس بإنسان، إذا قلت: فلان ليس بإنسان، أي: ليس بإنسان كامل، هو في الحقيقة إنسان، إذا قلت: فلان ليس برجل، فمرادك أنه ليس رجل كامل، وإلا فهو في الحقيقة رجل يأخذ مثل حق الأنثيين في الإرث، وله ما للرجال، وعليه ما عليهم من الأحكام.
المقدم: في الرواية الأولى -أحسن الله إليك- ((لا يؤمن حتى يحب)) هكذا تستقيم؟
نعم ((لا يؤمن حتى يحب لأخيه)).
المقدم: تستقيم بدون أحدكم؟
أكثر الروايات على هذا، وعليه شرح ابن حجر والقسطلاني.