للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال -جل وعلا-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(٦٥) سورة النساء] يقول العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين: "أقسم سبحانه بنفسه على نفي الإيمان عن العباد حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الدقيق والجليل، ولم يكتفِ في إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم الحرج والضيق من قضاءه وحكمه، ولم يكتفِ منهم أيضاً منهم بذلك حتى يسلموا تسليماً، وينقادوا انقياداً".

الإمام الشافعي -رحمه الله- في الرسالة يقول: "هذه الآية يعني قوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(٦٥) سورة النساء] هذه الآية نزلت فيما بلغنا -والله أعلم- في رجلٍ خاصم الزبير في أرضٍ، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بها للزبير، وهذا القضاء سنة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا حكماً منصوص في القرآن، والقرآن يدل -والله أعلم- على ما وصفت؛ لأنه لو كان قضاءٌ بالقرآن لكان حكماً منصوصاً في كتاب الله، وأشبه أن يكونوا إذا لم يسلموا الحكم لكتاب الله نصاً غير مشكل الأمر أنهم ليسوا بمؤمنين إذ ردوا حكماً تنزيلي فلم يسلموا".

المقدم: الشيخ الخضير: كأنكم تشيرون أيضاً من خلال هذه النقول إلى وجود فرق بين القبول والرضا أيضاً بالنسبة للسنة، فلا يعني أيضاً مجرد القبول بحكم السنة الإيمان، لا بد مع القبول الرضا، لو وجد من قبل السنة ولكنه لم يرض بها فلا يحكم له بهذا الأمر.

أولاً: التحكيم، التحاكم إلى السنة، ثم القبول والرضا بما حكم به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بعد ذلكم التسليم والانقياد لما حكم به -عليه الصلاة والسلام-، لكن قد يقول قائل: أن الإنسان قد يجد في نفسه شيء من الحكم إذا كان ضد مصالحه، كما يوجد من كثيرٍ من يحكم عليهم عند القضاة إذا كان الحكم ليس في صالحهم فإنهم يجدون في أنفسهم ولا بد، المقصود أن لا يتحدث بما في نفسه، ولا يحمله هذا على أن يقدح في الحكم الشرعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>