أما وجود ذلك في نفسه فهذا أمرٌ جبلي، كل إنسان يود أن يكون الحكم لصالحه، ومن ذلكم ما يثار كثيراً من قضايا تعدد الزوجات مثلاً، كثيراً من النسوة تعرف أن هذا شرع الله، وهذا حكم الله، لكن لا ترض أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة، وهي التي تقدر مصلحتها، لكن لا بد من الرضا والانقياد لحكم الله وحكم رسوله، لنعلم أن هذا شرع من الله -سبحانه وتعالى-، فلا بد من الرضا به سواءٌ كان في كتابه أو جاء على لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- لا فرق.
المقدم: فضيلة الدكتور: في قولكم في المقدمة بأنها هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، هذا الترتيب فقط من أهل العلم بحيث جعلوا مصدر أول ومصدر ثاني ومصدر ثالث.
نعم، باعتبار أن المتكلم بكتاب الله -سبحانه وتعالى- هو الله -عز وجل-، فالقرآن يختلف عن السنة من وجوه منها: أنه متعبد بتلاوته، والسنة وإن كان يجب تحكيمها، ويجب الإيمان بها، ويجب العمل بمقتضاها، إلا أنه لا يتعبد بتلاوتها.
المقدم: لكن حجيتها مثل حجية القرآن؟
حجيتها مثل القرآن تماماً.
المقدم: إنما مراد الفقهاء بالتقسيم لذات التقسيم؟
لذات التقسيم باعتبار القائل، وإلا فالسنة وحيٌ كما جاء عن الله -عز وجل-: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(٣ - ٤) سورة النجم] يقوله في حق نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:((عليكم بسنتي)) وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا أوتين أحدكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتب الله اتبعناه)) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث أبي رافع.
وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجلٌ شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، وإنما حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما حرم الله، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي نابٍ من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها)) الحديث مخرج في السنن، سنن أبي داود والترمذي والحاكم عن المقدام بن معدي كرب.