على كل حال الحديث لا شك أنه قوي، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البيهقي وغيره، والحديث قابل للتصحيح، يكون صحيح لغيره، ولذا صححه الألباني -رحمه الله تعالى-، لكن ليس فيه حجة لمن أوجب الحج كل خمس سنوات، على ما نقله القرطبي عن بعضهم؛ للإجماع على أنه لا يجب إلا مرة واحدة، لكن الحرمان ظاهر فيمن تيسر له أداء هذه العبادة العظيمة، وتوفرت له الأسباب، ولم يمنعه من ذلك مانع، مع ما ثبت في فضل المتابعة بين الحج والعمرة، ولعل الحديث مستند لمن أفتى بمنع تكرار الحج في كل سنة لا سيما مع الحاجة الداعية لذلك؛ لكثرة الحجيج في السنوات الأخيرة، لعله يستمسك بهذا، يعني مفهومه أن الذي لا يحج إلا كل خمس سنوات، يعني إذا حج كل خمس سنوات ليس بمحروم، فعلى هذا لا مانع من منعه من الحج ما دام ليس بمحروم، وهذا قد يحتاج إليه في تأييد المصلحة المترتبة عليه؛ لأن الحاجة داعية إلى التحديد، يعني لو ترك المجال للناس مع تيسر الأمور قد يكون هذا على حساب الذين لم يؤدوا الفريضة، ولذا أفتى جمع من أهل العلم بأن لولي الأمر أن يمنع؛ لأنه لا شك أن الحاجة داعية إلى مثل هذا، لكن يبقى أن النصوص الأخرى يعني باقية على أصلها ((تابعوا بين الحج العمرة)) لمن لا يكون له أثر سلبي وجوده على بقية الحجاج؛ لأن بعض الناس ينفع أكثر، فمثل هذا لا مانع من أن يحج كل سنة.
على كل حال الحرمان ظاهر فيمن تيسر له الحج فلم يحج، والحرمان أمر نسبي، يعني ليس معناه أنه محروم أنه فعل محرماً، نعم الحرمان أمر نسبي، يعني من ترك الواجب محروم، وهو أعظم في من ترك مستحب، وهو أيضاً محروم، يعني ماذا عن رجل قيل له: الصلاة على الجنازة بدأت، افتتحت الآن، قم فصل، قال: أنا صليت أمس على جنازة، هذا حرمان ظاهر، ومع ذلك ما نقول: إنه آثم؛ لأنه ترك مستحب، صلاة الجنازة فرض كفاية قام به من يكفي، لكن الحرمان ظاهر بالنسبة لهذا، فالحرمان من الأمور النسبية.
يقول القرطبي:"وأنكرت الملحدة" يعني جنس الحج "فقالت: إن فيه تجريد الثياب، وذلك يخالف الحياء".