المقدم: هذا مثل سؤالنا في الحلقة الماضية عن بعض الكتبة بكل أسف ممن قال: في الحج بعض الطقوس الوثنية، يلفون حول الكعبة، يقبلون حجر، يرمون حصى، يقفون في بيداء وغير ذلك.
لكن المسلم بل الجن والإنس الهدف الشرعي، الهدف الرباني من إيجادهم وخلقهم تحقيق العبودية، والعبودية لا تتم إلا بالدخول بالإسلام الذي هو الاستسلام الكامل، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، لا بد أن يستسلم الإنسان للأوامر والنواهي بغض النظر عرف الحكمة لا بأس، لم يعرف الحكمة عليه أن يستسلم، ما دام ثبت الأمر والنهي عليه أن يقول: سمعنا وأطعنا، ولذا لو لحظت مثلاً كتب التفسير عند المتقدمين وعند المتأخرين، في قوله -جل وعلا-: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [(٢٧) سورة الحج] تجد المتأخرين يطنبون في بيان هذه المنافع، بينما عند المتقدمين إشارات يسيرة جداً، وبعضهم لا يلتفت إليها، لماذا؟
المقدم: المصلحة العظمى ...
لأن الامتثال عند المتقدمين ما يحتاج إلى معرفة حكمة، بينما كثر التساؤل عند المتأخرين، لماذا كذا؟ لماذا شرع كذا؟ لماذا نفعل كذا؟ فصار العلماء يعنون ببيان الحكمة، وإظهارها لهم، إضافة إلى أن الأصل في الامتثال هو النص، نعم.
يقول:"أنكرت الملحدة الحج فقالت: إن فيه تجريد الثياب، وذلك يخالف الحياء، وفيه السعي" والمفهوم أنه معروف السعي بين الصفا والمروة بين العلمين النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسعى سعياً شديداً حتى كانت الركب تنكشف.
"والسعي وهو يناقض الوقار" الجري يناقض الوقار "ورمي الجمار لغير مرمى، وذلك يضاد العقل" لكن هذا الذي يقول هذا الكلام في تجريد الثياب إذا أراد أن يزاول الرياضة التي نصحه الأطباء بها يجرد الثياب، ويسعى ويجري، نظراً لمصلحة بدنه، أما مصلحة الدين هذا يخرق الحياء، وأيضاً يناقض الوقار، ورمي الجمار لغير مرمى ذلك يضاد العقل، وتجده يقول ويفعل ما يناقض العقل في كل لحظة.
"فصاروا إلى أن هذه الأفعال كلها باطلة، إذ لم يعرفوا لها حكمة ولا علة، وجهلوا أنه ليس من شرط المولى مع العبد أن يفهم المقصود بجميع ما يأمره به" يعني لو افترضنا أن السيد قال: خذ هذا مبلغ اشتر كذا، هل للعبد أن يقول: لماذا أشتري؟