ما أعرف أن معهم أحد، المقصود أن هذا وجهة نظر العيني، لكن لا يمتنع أن يقال: هل حججت عن نفسك؟ مع العلم بأنه لم يحج عن نفسه، من باب تأكيد الأمر في النفس وتثبيته، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هل صليت ركعتين؟ )) وهو يراه قد جلس، هو يراه دخل وجلس، وهذه طريقة نبوية في تقرير المسائل العلمية والعملية، أحياناً قد يخفى عليك الأمر لو قلت لشخص: قم فصل ركعتين احتمال يكون صلى وأنت ما رأيته، فمن باب الأدب أن تقول: هل صليت ركعتين؟ وهذا مأخوذ من الأدب النبوي، وأنت تعرف هذا الشخص ما سبق أن حج، تقول: هل حججت عن نفسك؟ لتبين له الحكم مقروناً بعلته، تبين له الحكم مقرون بعلته، فتبين له أنه لا بد أن تحج عن نفسك أولاً، ثم تحج عن غيرك.
من فوائد الحديث: جواز حج المرأة عن الرجل؛ لأنها قالت: أفأحج عنه؟ ومنع ذلك بعض العلماء، لماذا؟ زعم أن المرأة تلبس في الإحرام ما لا يلبسه الرجل، فلا يحج عنه إلا رجل مثله، وهذا القول نسبه النووي إلى الحسن بن صالح.
وقال النووي: وفيه وجوب الحج على من هو عاجز بنفسه مستطيع بغيره كولده، هذا في الحديث، الأب أو الجد على ما تقدم في الروايات الشيخ الكبير هذا الذي لا يثبت على الراحلة عاجز بنفسه، لكنه مستطيع بولده، وقد بعضهم يستطيع بماله، فلا يسقط عنه الحج.
وقال ابن حجر: واستدل به على أن الاستطاعة تكون بالغير كما تكون بالنفس، وعكس بعض المالكية فقال: من لم يستطع بنفسه لم يلاقه الوجوب، وأجابوا عن حديث الباب بأن ذلك وقع من السائل على جهة التبرع، وليس في شيء من طرقه تصريح بالوجوب، لكن تقدم لنا في حديث أبي رزين:((حج عن أبيك واعتمر)) أمر.
المقدم: لكن ألا يكون إجابة ((حج عن أبيك واعتمر)) إجابة عن سؤال فهم منه التبرع؟
فهم منه التبرع ولا يلزم، هل يلزم الولد أن يحج عن أبيه؟
المقدم: لا ما يلزم.
ما يلزم حتى على القول بجوازه.
يبقى أنه يمكن أن يستدل بـ ((دين الله أحق أن يقضى)).
وأجابوا عن حديث الباب بأن ذلك وقع من السائل على جهة التبرع، وليس في شيء من طرقه تصريح بالوجوب، وبأنها عبادة بدنية، فلا تصح النيابة فيها كالصلاة، وقد نقل الطبري وغيره الإجماع على أن النيابة لا تدخل في الصلاة.