قالوا: ولأن العبادات فرضت على جهة الابتلاء، وهو لا يوجد في العبادات البدنية إلا بإتعاب البدن، فبه يظهر الانقياد أو النفور، قالوا: بخلاف الزكاة فإن الابتلاء فيها بنقص المال، وهو حاصل بالنفس وبالغير، يعني الحج لا بد من أن تؤديه بنفسك؛ لأنه عبادة بدنية على كلامهم، والصلاة لا بد أن تؤدى بالنفس؛ لأنها عبادة بدنية، الزكاة إذا أخرجتها، وتركت شخصاً يدفعها إلى الفقير نقص المال حاصل، لكن يبقى أنه يقبل النيابة من هذه الحيثية.
وأجيب بأن قياس الحج على الصلاة لا يصح؛ لأن عبادة الحج مالية بدنية معاً، فلا يترجح إلحاقها بالصلاة على إلحاقها بالزكاة.
يعني لو قيل: إنه ينتابها قياس الشبه، لو خلت من الأدلة، عندنا عبادة بدنية كالصلاة لا تجوز فيها النيابة، عبادة مالية كالزكاة تجوز فيها النيابة، الحج عبادة مالية بدنية ينتابها الأمران، فهل تلحق بالصلاة باعتبارها بدنية، أو تلحق بالزكاة باعتبارها مالية؟ وهذا يسمونه قياس الشبه، يتردد فرع بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبهاً، هذا لو خلت المسألة من النصوص، والمسألة فيها نص.
ولهذا قال المازري: من غلّب حكم البدن في الحج ألحقه بالصلاة، ومن غلب حكم المال ألحقه بالصدقة.
وقد أجاز المالكية الحج عن الغير إذا أوصى به، ولم يجيزوا ذلك في الصلاة، فتبين أن هناك فرق حتى عند المالكية.
المقدم: لكن هل المسألة الآن مسألة الإنابة هي نفسها مسألة وصول الثواب في العبادات أو تختلف؟ من قال بالإنابة يقول بوصول الثواب في العبادات؟
يعني إهداء الثواب؟
المقدم: إهداء الثواب.
شخص يريد أن يحج عن أبيه مثلاً.
المقدم: يصله الثواب.
يريد أن يحج عن أبيه تطوع مثلاً، هذا في الفريضة ما في إشكال، هذا شخص يريد أن يحج عن أبيه تطوع، هذه مسألة إهداء الثواب، يصل أو لا يصل؟ مسألة يأتي تقريرها -إن شاء الله تعالى-.
المقدم: لكن الذين قالوا بالخلاف هنا وهنا هي نفس المسألة وإلا يختلف؟