يقول الإسماعيلي: ليس في الحديثين شيء مما ترجم الباب به، ورد بأن فيهما الإشارة إلى أن الركوب أفضل.
وقال العيني: مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر الركوب وذكر الفج العميق.
أما الركوب فهو قوله: يركب راحلته، وأما الفج العميق فهو ذو الحليفة؛ لأنه لا شك أن بينها وبين مكة عشر مراحل، فهو فج عميق، يعني بعيد، واختلف أهل العلم في الركوب والمشي أيهما أفضل؟ أيهما أفضل الركوب أو المشي؟
فقيل: المشي أفضل؛ لأن الله -عز وجل- بدأ به، ولما فيه من التعب والنصب، يعني الحج مشياً أكثر تعباً من الحج ركوباً.
المقدم: والتعب مطلوب في الحج؟
يأتي هذا.
وقال الجمهور: الركوب أفضل؛ لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ولكونه أعون على الدعاء والابتهال؛ ولما فيه من المنفعة.
أقول: التعب ليس مقصداً شرعياً لذاته، لكن التعب إذا وجد تبعاً لما أمر به أجر الإنسان عليه، كما جاء في الحديث:((أجركِ على قدر نصبكِ)) هذا إذا كان تابعاً للعبادة، أما يتعب الإنسان لذات التعب ليس هدفاً شرعياً، الله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه غني، ولذا لو قال شخص: أنا بيني وبين المسجد مائة خطوة، لماذا لا أدور على الحي لأكسب ألف خطوة؟ نقول: لا؛ لأن التعب ليس مطلوباً لذاته، وقد يقول: لماذا وبيني وبين مكة ما يقرب من ألف كيلو، أدور على الجزيرة لأمشي في سيارتي عشرة آلاف كيلو وأتعب، أتعب نفسي، وأكلل راحلتي لأزداد من الأجر، نقول: لا، الأجر إنما يثبت للتعب إذا جاء تابعاً لعبادة.
والحديث مختصر هذا، حديث الباب مختصر من رواية سبقت في كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين، فذكره الإمام هناك مطولاً، واقتصر منه هنا على قدر الحاجة فقط.
قوله:"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يركب راحتله" الراحلة المركب من الإبل ذكراً كان أو أنثى، ويقال أيضاً للناقة التي تصلح لأن ترحل، قاله الكرماني.
وقال العيني: الراحلة من الإبل: البعير القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء، والهاء فيه للمبالغة، وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة، وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت بتميزها.