وقال الجمهور: لو رجع إلى الميقات قبل التلبس بالنسك سقط عنه الدم، روى أبو داود في سننه والنسائي عن عائشة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل العراق ذات عرق، وهو في صحيح مسلم إلا أن راويه شك في رفعه، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما فتح هذان المصران، أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حد لأهل نجد قرناً، وهو جور عن طريقنا، وأنا إن أردنا قرناً شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحد لهم ذات عرق، حديث أبي داود وما جاء في صحيح مسلم إلا أنه مشكوك في رفعه يدل على أن تحديد ذات عرق مرفوع من النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذي في البخاري عن ابن عمر يدل على أن عمر هو الذي حدد لهم ذات عرق، وظاهر هذا أن عمر حدد لهم ذات عرق باجتهاد منه، وبه قطع جمع من العلماء، وصحح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية أنه منصوص، يعني مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنص.
وقال المجد بن تيمية في المنتقى، المجد جد شيخ الإسلام صاحب المنتقى: النص بتوقيت ذات عرق ليس في القوة كغيره، ليس مثل ذا الحليفة أو قرن المنازل، مما نص عليه الحديث الصحيح، ليس بالقوة كغيره، فإن ثبت فليس ببدع وقوع اجتهاد عمر على وفقه، فإنه كان موفقاً للصواب، كأن عمر لم يبلغه الحديث فاجتهاد بما وافق النص، وقد انعقد الإجماع على ذلك.
وأما ما جاء عند أحمد وأبي داود والترمذي عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المشرق العقيق فهو حديث ضعيف.
والحديث أخرجه الإمام البخاري في خمسة مواضع:
الأول: في كتاب الحج في باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب، قال: حدثنا ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة، فذكره وسبق ذكر المناسبة.
الموضع الثاني: في كتاب الحج باب مهل أهل الشام، حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكره، والمناسبة ظاهرة حيث ذكر ميقات أهل الشام في الحديث وأنه الجحفة.