على كل حال الكتاب من وضع الطابعين، حتى لا يوجد في شيء من الروايات كتاب بدء الوحي، ولذا نص الحافظ على أن المصنف لم يستفتح بدء الوحي بكتاب، أما الباب باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهذا لا يوجد أيضاً عند أبي ذر والأصيلي، لكنه موجود في غيرهما من الروايات. والباب في الأصل اسمٌ لما يدخل معه ويخرج منه، وهو في عرف المؤلفين اسمٌ لما يضم فصولاً ومسائل غالباً، وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا باب، ويجوز فيه التنوين والقطع عما بعده، ويجوز أيضاً تركه للإضافة إلى الجملة التالية، وجوز الكرماني الشارح التسكين على سبيل التعداد للأبواب فلا يكون له حينئذٍ إعراب.
وبدء الوحي روي بالهمز مع سكون الدال من الابتداء وبغير همزٍ مع ضم الدال وتشديد الواو من الظهور، قاله عياض، والوحي في اللغة: الإعلام في خفاء، ويطلق أيضاً على الإلهام، وشرعاً الأعلام بالشرع، ويطلق ويراد به اسم المفعول أي الموحى، وهو كلام الله المنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد اعترض بعضهم على المؤلف -رحمه الله- فقال: لو قال: كيف كان الوحي لكان أحسن؟ لأنه تعرض فيه لبيان كيفية الوحي، لا لبيان كيفية بيان بدء الوحي فقط، وأجيب بأن المراد من بدء الوحي حاله مع كل ما يتعلق بشأنه أي تعلقٍ كان، وعطف في الصحيح على الترجمة وقول الله -عز وجل-: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [(١٦٣) سورة النساء] وقول مرفوع عطفاً على باب، أو مجرور عطف على الجملة التي أضيفت إلى الباب، والتقدير: باب معنى قول الله تعال كذا؛ لأن العطف على نية تكرار العامل، وحينئذٍ يقال: باب كيف كان بدء الوحي؟ وباب معنى قول الله تعالى كذا.
المقدم: هذا لا يوجد في نسخنا يا دكتور.
هذا في الأصل، لكن الآية لا بد منها؛ لأنها هي التي الشاهد منها أوضح من الحديث للباب، وسيأتي ما ذكره بعض الأئمة من أن الحديث لا تعلق له بالترجمة أصلاً، فإثبات الآية أولى من إثبات الحديث.
المقدم: يعني ننبه الإخوان إلى تغيير مسمى هذا الباب بناءً على الأصل الموجود؟