ونقل ابن بطال عن أبي عبد الله بن النجار قال: التبويب يتعلق بالآية والحديث معاً، ولذا قلنا: أن حذف الآية من الباب لا وجه له، بل ينبغي أن تثبت الآية، التبويب يتعلق بالآية والحديث معاً؛ لأن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء ثم إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- أن الأعمال بالنيات؛ لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(٥) سورة البينة] وقال ابن المنير في أول التراجم: كان مقدمة النبوة في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الله تعالى بالخلوة في غار حراء، فناسب الافتتاح بحديث الهجرة، وقال ابن حجر:"ومن المناسبات البديهة الوجيزة ما تقدمت الإشارة إليه أن الكتاب لما كان موضوعاً لجمع وحي السنة صدره ببدء الوحي، ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشرعية صدره بحديث الأعمال".
يقول ابن حجر:"ومع هذه المناسبات لا يليق الجزم بأنه لا تعلق له بالترجمة أصلاً"، مع هذه المناسبات التي أبداها ابن رشيد وغيره وما نقل عن أبي عبد الله بن النجار، وما قاله ابن حجر من المناسبة البديعة لا يليق الجزم بأن الحديث لا تعلق له بالترجمة أصلاً.
والحديث يذكر أهل العلم أن له سبباً، يقول ابن دقيق العيد:"نقلوا أن رجلاً هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به" وقصة المهاجر رواها سعيد بن منصور الطبراني عن ابن مسعود، قال ابن حجر:"قصة المهاجر إسنادها صحيح على شرط الشيخين، لكن ليس فيها أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك"، يقول:"ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح في ذلك".
وعلى كل حال الحديث صحيح متفقٌ عليه، مخرجٌ في الصحيحين وغيرها من دواوين الإسلام المشهورة في السنن والمسانيد والجوامع وغيرها، يقول ابن حجر: "ثم إن هذا الحديث متفقٌ على صحته، أخرجه الأئمة المشهورون إلا الموطأ، ووهم من زعم أنه في الموطأ، مغتراً بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك، قلتُ: لكنه في الموطأ، هو في الموطأ من رواية محمد بن الحسن الشيباني، في باب النوادر من كتاب السير في أواخر الكتاب.