نعم، لعل الحميدي في الموضع الأول رواه للإمام البخاري بجمع النيات، وفي الموضع الثاني رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن مسلمة القعنبي أو عن مالك بإفراد النية، فالإمام البخاري يتتبع ألفاظ الشيوخ -رحمه الله تعالى-، علماً بأن الإمام البخاري لا يمكن أن يسوق حديثاً في موضعين بلفظه ومتنه وإسناده من غير تغيير، لا يمكن أن يفعل ذلك الإمام البخاري من غير تغيير، يعني مطابقة تامة إلا نادراً، يعني ضبط عليه نحو عشرين موضع فقط، يعني من أكثر من سبعة آلاف موضع نحو عشرين موضع فقط، وهذه نادرة، والمراد بالحسبة التي ذكرها الإمام البخاري في الترجمة الاحتساب، طلب الأجر والثواب من الله -سبحانه وتعالى-، والمراد بالأحكام المعاملات التي يدخل فيها الاحتياج إلى المحاكمات كالبيوع والأنكحة والأقارير وغيرها، وقوله:{عَلَى شَاكِلَتِهِ} [(٨٤) سورة الإسراء] على نيته، تفسيرٌ من الإمام -رحمه الله تعالى- بحذف أداة التفسير، وتفسير الشاكلة بالنية صح عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة المذني وقتادة، وقيل: على دينه، {عَلَى شَاكِلَتِهِ} أي على دينه، قاله ابن زيد، وقيل: على ناحيته، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.
على كل حال المراد بالشاكلة هل هو النية أو الدين أو الناحية؟ هذه أقوال لأهل العلم حفظها المفسرون وذكرها بأسانيدهم عمن ذكرنا، وممن ذكرها ابن جرير الطبري وابن الجوزي في تفسيره، وفي البصائر للفيروز أبادي يقول:{عَلَى شَاكِلَتِهِ} يعني على سجيته التي قيدته، وذلك أن سلطان السجية على الإنسان قاهر، وهذا كقوله -صلى الله عليه وسلم -: ((كلٌ ميسرٌ لما خلق له)) على كل حال نعود إلى الترجمة، نرى الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- أدخل في الحديث الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام، فقدم الحج على الصوم بناءً على ما ثبت عنده في حديث ابن عمر:((بني الإسلام على خمس: ... وحج بيت الله الحرام وصوم رمضان)) والحج والصوم تقدم الحج على الصوم، وعليه بنى الإمام البخاري ترتيب كتابه، في الكتاب قدم الحج على الصيام.