وفي الثاني يحصل حال المكالمة ولا يتصور قبلها، فرق بين ((وعيت)) إذا جاءه مثل صلصلة الجرس، إذا انتهى فإذا النبي -عليه الصلاة والسلام- قد وعى حتى حفظ ما قاله، وفي الثاني يقول:((أعي)) يعني حال المكالمة، هذا الثاني يحصل حال المكالمة ولا يتصور قبلها، يقول: وقع التغاير في فهم النوعين فقال في الأول: ((وعيت)) بلفظ الماضي، وفي الثاني قال:((فأعي)) بلفظ المضارع؛ لأن الوعي والفهم والحفظ حصل قبل الفصم في النوع الأول، ولا يتصور بعده، وفي النوع الثاني يحصل حال المكالمة ولا يتصور قبلها، يعني إذا حددنا فيها ظهر معناها، في النوع الأول الذي هو مثل صلصلة الجرس، إذا انتهت هذه الصلصلة لا تنتهي إلا والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد وعى ما قال، في الحال الثانية حينما يتمثل له الملك رجلاً فيكلمه كما يخاطبه الرجال يكلمه فيعي، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((فأعي)) بصيغة المضارع، أعي حال المكالمة، هناك ما تنتهي العملية التي مثل صلصلة الجرس حتى يكون الرسول قد وعى وانتهى، وهنا حال المكالمة (يعي) بلفظ المضارع، ولا يتصور قبلها، ومفهوم الحصر في الحديث حصر الوحي في النوعين المذكورين غير مراد؛ لأن للوحي أنواعاً أخر، إما من صفة الوحي كمجيئه كدوي النحل، والنفث في الروع والإلهام والرؤيا الصالحة، والتكليم ليلة الإسراء بلا واسطة، وإما من صفة حامل الوحي كمجيئه في صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح، ورؤيته على كرسي بين السماء والأرض، وقد سد الأفق، يقول ابن حجر: "الجواب: منع الحصر في الحالتين المذكورتين، وحملهما على الغالب، أو حمل ما يغايرهما على أنه وقع بعد السؤال، أو لم يتعرض لصفتي الملك المذكورتين لنذورهما، فقد ثبت عن عائشة أنه لم يره كذلك إلا مرتين، ولم يأتِ في تلك الحالة أو لم يأتِ بتلك الحالة بوحي أو أتاه به فكان على مثل صلصلة الجرس، ما الذي يمنع أن يكون على هيئته له ستمائة جناح وجاء عليه مثل صلصلة الجرس فيدخل في النوع الأول في الحديث؟.