وأما فنون الوحي فدوي النحل لا يعارض صلصلة الجرس؛ لأن سماع الدوي بالنسبة إلى الحاضرين كما في حديث عمر:"يسمع عنده كدوي النحل"، والصلصلة بالنسبة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما النفث في الروع فيحتمل أن يرجع إلى إحدى الحالتين فإذا أتاه الملك في مثل صلصلة الجرس نفث في روعه، فلا تنافي ولا تضاد، وأما الإلهام فلم يقع السؤال عنه؛ لأن السؤال وقع عن صفة الوحي الذي يأتي بحامل، وكذلك التكليم ليلة الإسراء لا يدخل، لا يدخل في السؤال؛ لأن السؤال وقع عن كيفية مجيء الوحي الذي يحمل، وأما الرؤيا الصالحة فقال ابن بطال:"لا ترد"؛ لأن السؤال وقع عما ينفرد به عن الناس؛ لأن الرؤيا قد يشركه فيها غيره، والرؤيا الصادقة وإن كانت جزءً من النبوة فهي باعتبار صدقها لا غير، وإلا لساغ لصاحبها أن يسمى نبياً، لا سيما إذا رأى رؤيا صالحة ٤٦ مرة، نقول: أخذ النبوة كلها، إذا قلنا: أن الجزء بمعنى حقيقة النبوة جزء من حقيقة النبوة، فإذا اجتمعت هذه الأجزاء صار نبيناً كاملاً، وهذا غير مراد، إنما هي مشبهة للنبوة في صدقها، يحتمل أن يكون السؤال وقع عما في اليقظة فلا يشمل ما يجيء في المنام، وإلا فرؤيا الأنبياء وحي كما هو معروف، أو لكون حال المنام لا يخفى على السائل فاقتصر على ما يخفى عليه.
قالت عائشة -رضي الله عنها- قال ابن حجر:"هو بالإسناد الذي قبله" ما قال: وقالت عائشة، يقول:"وهو بالإسناد الذي قبله" يعني موصول بالإسناد الذي قبله وليس معلقاً، يقول:"وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف غيره كثيراً" يقول: "وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف"، وتعقبه العيني بأنه لم يقم دليلاً على قوله، لا شك أن كلام الحافظ -رحمه الله تعالى- أغلبي، وقد جاء في الصحيح التعليق بدون حرف العطف في مواضع من الصحيح، كما أنه جاء بحرف العطف من غير تعليق في الإسناد السابق، لكن كلام الحافظ -رحمه الله تعالى- أغلبي.