الحديث كما في الصحيح يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((نحن أحق بالشك من إبراهيم .... ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي)) هذا من الأحاديث التي في ظاهرها الإشكال، لكنها ليست بمشكلة عند أهل العلم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قال:((نحن أحق بالشك من إبراهيم)) قاله على جهة التواضع، والهضم من حقه، والرفع من شأن إبراهيم-عليه السلام-؛ لئلا يتطاول بعض السفهاء فيقول: إن إبراهيم شك، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرفع هذا الاحتمال من قلوب الناس، ((ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد)) حينما قال: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [(٨٠) سورة هود] ومراده بذلك من بني جنسه وقومه وعشيرته، وقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد، وهو الله -سبحانه وتعالى-. ((ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف)) لبث بضع سنين يوسف، وما في شك أن النفس مجبولة على حب الحرية والخروج من السجن، وقاله النبي -عليه الصلاة والسلام- لرفع شأن يوسف ووصفه بالأناة لتبرأ ساحته وتظهر براءته للناس كلهم، لما جاءه الداعي قال:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [(٥٠) سورة يوسف] غير يوسف لو جاءه الداعي خرج مباشرةً، أقول: غير يوسف -عليه السلام- لو جاءه الداعي الذي يطلبه إلى الملك أو العزيز خرج مباشرة، لكن يريد أن تبرأ ساحته من كل وجه، ويعرف ذلك الخاص والعام، أراد أن يقول له:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [(٥٠) سورة يوسف] لتظهر براءته للناس كلهم.
طالب: هل مثل هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تفضلوني على يونس بن متى))؟