يقول أهل العلم: غسل النجاسة لا تجب النية له؛ لأنه من باب التروك فصار كترك المعاصي، فصار كترك المعاصي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وقاله بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد: تشترط النية لإزالة النجاسة، وهذا القول شاذ، فإن إزالة النجاسة لا يشترط فيها عمل العبد، بل تزول في المطر النازل، والنهر الجاري ونحو ذلك، فكيف تشترط لها النية؟ وقد اعترض على التعليل بكونها من التروك بأن الصوم من باب التروك، وقد أجمعوا على وجوب النية فيه.
من جلس في المسجد بين صلاتين، هل نقول: إنه يؤجر على جلوسه في المسجد، وعلى ما يؤديه أو ما يقوم به من نوافل من صلاة وذكر وتلاوة، ويقوم أيضاً ويحتسب له ما يتركه، هو في جلوسه في المسجد لم يسرق ولم يزن ولم يغتب ولم يقذف، ولا فعل ولا فعل ولا فعل .. إلى آخره، هل يحتسب له أجر ترك كل هذه المحرمات بمجرد بقائه في المسجد؟
غسل النجاسة لا تجب النية له لأنها من باب التروك فصار كترك المعاصي، يعني هذا من باب التروك، يعني ما يقال: والله فلان تعرض لفتنة وجاهد نفسه، تعرضت له امرأة ذات منصب وجمال وجاهد نفسه مثل أحد الثلاثة أصحاب الغار نعم وشخص جالس في المسجد ما خطر على باله الزنا أجرهم واحد وإلا لا؟ وهل يؤجر هذا على ترك الزنا وإلا ما يؤجر؟ ما خطر على باله؛ لأنه من باب التروك، لكن لو قال: أنا أجلس في المسجد بدلاً من أن أخرج إلى البيت أو أذهب إلى فلان وعلان، بدلاً من أن أشغل وقتي بالقيل والقال والغيبة وأعرف هذه المجالس وترددت عليها مراراً ولا تسلم من محرم، وجلوسي في المسجد يحميني من هذا لا شك أنه يؤجر، يؤجر على هذه النية، وإن كانت تروك، وذكر العيني في عمدة القاري ضابطاً للتروك التي تجب فيها النية والتي لا تجب فيها، فقال:"التروك إذا كان المقصود منها امتثال أمر الشارع، وتحصيل الثواب فلا بد من النية فيها، وإن كانت لإسقاط العذاب فلا يحتاج إليها، فالتارك للمعاصي محتاج فيها لتحصيل الثواب إلى النية".